الإسلاميون وسنة مراجعة الأداء

يتحدث الله تعالى لنا عن سننه وأنها لاتتبدل ولا تتغير، وأن من اتبعها لا يضل ولا يشقى، فحين تحدث عن النصر قال (ان تنصروا الله ينصركم) وحين تحدث الشكر والبطر وإنكار النعم قال (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) وعن الإعراض والإقبال قال (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) وقال (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة). والجماعات الاسلامية التي تنهل من الإسلام كما هو مفترض هي المدعوة في المقام الأول لفهم سنن الله ولالتزام بتلك السنن، ولا بنغي لها أن تغض الطرف عما يجري معها من سلبيات أو فشل دون مراجعة وأخذ العبرة ومن ثم تعديل المسار.

رأينا حزباً يردد كلمة الخلافة مئات المرات ومنذ ستين سنة دون أن يصل الى حكم مجلس قروي! فهل هذا لأن الله أراد ذلك أم لقصور في التصور والمنهج الذي يتحدث عنه هؤلاء؟ أعتقد أن المسألة تتعلق بفشل الطريق الذي يتحدثون عنه حيث لا يمكن للمنهج الذي يعتمدونه أن يوصلهم الى هدفهم بحال من الأحوال فهو لا يراعي القدرات ولا يقوم على دراسة علمية للواقع الموجود بل قبل ذلك لأنه يتنكب السنن القرآنية والنبوية في العمل الإسلامي.
وجماعة اسلامية وبالرغم من انتشارها في عدة أقطار إلا إن الفشل يلاحقها ويلازمها والسبب أيضاً هو سعيها إلى الهيجاء بغير سلاح، والسلاح هنا هو أدوات العصر والواقع من إدارة وعلم وفهم الواقع والتوسع الشعبي المنظم وتقليل الأعداء بل تحويلهم الى شركاء إن أمكن.
إن التغيير له سنن ولا بد من اتباعها، ومن يتنكبها لا يمكن أن يصل فالشهادة على الناس تتطلب من الشاهد أن يكون عدلاً في نفسه، والتمكين له طرق وأدوات، وتجاهلها يعني أنك بغير قوة، وتقليل الخصوم يقتضي منك الحوار مع الناس لا الحوار عليهم، والمشاركة تقتضي الانفتاح والوضوح. وإن القدوة والإقناع لا يتم عبر فاقدي صفات القدوة.
والذي يريد من المجتمع أن ينقاد له لا بد من استيعاب الناس وليس وضع مقاييس حزبية خاصة ومن ثم الطلب من الناس أن يسيروا وفقها. ومن أراد العمل السياسي فلا بد أن يفهم الواقع والمتغير وموازين القوى ومعرفة الممكن الحالي والمستقبلي كما يعرف المستحيل الحالي والمستقبلي.
إن الجماعات الإسلامية دون استثناء تحتاج الى مراجعة مناهجها وخطابها وعلاقاتها وأدواتها وبغير ذلك ستكون جزءاً من الواقع المرير والذي يتشكل عبر التاريخ كله ممن يجمدون وممن يخالفون سنة الله (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم) (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً).