انتخابات الكنيست.. والتفكير الطوباوي

عشية انتخابات الكنيست «البرلمان «الاسرائيلي، التي ستجري يوم الثلاثاء «17 «آذار، ليس مهما احتدام المعركة بين الاحزاب اليهودية، وخاصة بين حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، ومنافسه القوي «تحالف الاتحاد الصهيوني»، بقيادة زعيم المعارضة رئيس حزب العمل حاييم هرتسوغ، ورئيسة حزب «الحركة» تسيبي ليفني، فالتنافس بين هذه القوى يتركز بشكل خاص على برامج اقتصادية واجتماعية، وليس ثمة خلافات جوهرية بشأن السياسة الخارجية، وهناك ثوابت إزاء القضية الفلسطينية، تتمثل ب «لاءات» ترفص حق عودة اللاجئين، والانسحاب الى حدود 1967، وعودة القدس، وتفكيك مستوطنات الضفة الغربية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وما يأخذه هرتسوغ على نتنياهو، أنه «يركز على الأمن والتهديد المتمثل في ايران، بدلا من الاقتصاد وتكاليف المعيشة». وفي ذلك إشارة الى الجدل الذي أثاره خطاب نتنياهو في الكونغرس حول «النووي الايراني»، وتوظيفه هذا الملف في الحملة الانتخابية.
لكن ثمة مستجدا لافتا، يتعلق بحراك عرب «الخط الاخضر»، يتمثل بتشكيل قائمة مشتركة تجمع ثلاثة تيارات سياسية «اليساري، القومي، والاسلامي»، وتضم القائمة « التجمع العربي للتغيير، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة الاسلامية- الجناح الجنوبي،والقائمة العربية للتغيير»، فيما ترفض قوى وحركات عربية أخرى، وعلى رأسها الحركة الاسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح مبدأ المشاركة في الانتخابات. وهناك بعض العرب ينشطون داخل الاحزاب اليهودية !
مبادرة تستحق التشجيع تعزز العلاقات بين الاحزاب العربية، وربما هي الأولى على امتداد الوطن العربي الذي يجتاحه تعرض «تسونامي «الشرذمة والتفتيت والاقتتال الداخلي،أن يتشكل مثل هذا التحالف الانتخابي التعددي، رغم شح الممارسات الديمقراطية العربية ! فالقائمة المشتركة تهدف الى تقوية الصوت العربي في مواجهة التمييز والاضطهاد العنصري، الذي يتعرض له 1,5مليون فلسطيني داخل الخط الأخضر.
يذهب التفكير لدى بعض المحللين العرب الى آفاق طوباوية، رغم الطبيعة العنصرية لاسرائيل والمخاطرالتي تنتظر عرب الخط الاخضر من سعي اليمين لتحويلها الى «دولة يهودية» صرف، إذ يراهن هؤلاء المحللون على احتمال تحقيق القائمة العربية، نتائج مبهرة تحدث تحولا في اسرائيل، ويتكهنون باحتمال فوز تحالف الاحزاب العربية بـ «13 الى 15 مقعدا»، وأن يصبحوا الكتلة «رقم 2» في الكنيست،بمعنى أنهم سيكونون قوة المعارضة الرئيسية،في مواجهة الائتلاف اليهودي الذي سيشكل الحكومة، سواء كان نتنياهو أو التحالف الصهيوني،الذي اتفق على تناوب هرتسوغ وليفني على رئاسة الحكومة لمدة سنتين لكل منهما.
وقد استمعت وقرأت لبعض المراقبين وجهات نظر تحلق في الفضاء، مثل أنه اذا اصبحت القائمة العربية الكتلة الثانية في الكنيست، في حال تشكيل «حكومة وحدة» من الاحزاب الاسرائيلية الكبيرة،، فإن رئيس الكتلة العربية سيكون زعيم المعارضة في اسرائيل، ويعتبرون هذا الموقع مهم جدا، حيث تستوجب القوانين الاسرائيلية ان يكون لزعيم المعارضة حراسات رسمية،وأن يطلع على أسرار الدولة، وأن يجتمع به رئيس الوزراء مرة كل شهر ويزوده بتقرير دوري، عن آخر المستجدات السياسية والأمنية !
علينا أن نكون واقعيين ولا ننسى طبيعة دولة اسرئيل ومن يدعمها،وكيف أنشئت باغتصاب فلسطين وتشريد أهلها، والأسس التي يقوم عليها نهجها العنصري، واذا كانت تصنف «دولة ديمقراطية»، فذلك يتعلق بكيفية اختيار حكوماتها وبرلمانها، والتنافس بين الاحزاب اليهودية، على من يحقق انجازات أكثر لخدمة أهداف الدولة، ولا يعني أنها يمكن أن تذهب في هذا النهج «الديمقراطي»، الى التخلي عن طبيعتها العنصرية، ومهما تكن نتيجة الانتخابات سيبقى القرار بيد اليهود، وحتى لو حدثت معجزة وحصل العرب هناك على الغالبية في الكنيست تؤهلهم لتشكيل حكومة، لن يسمح لهم ذلك وسيتم الانقلاب عليهم، فثمة خطوط حمراء، وكل ما يسمح لهم في اللعبة الديمقراطية، المشاركة في الانتخابات والحصول على عدد من المقاعد، والتعبير عن مطالب فلسطينيي الخط الأخضر الخدماتية، وتعزيز النضال للتخفيف من التشريعات العنصرية، والمساهمة من موقع المعارضة في فضح الطبيعة العنصرية لاسرائيل،أما التأثير في السياسة الخارجية فذلك حلم !