"سورية وحرب ألاستنزاف ...ومعركة تحديد المصير؟؟"
مع قرب انطلاق مسار الحلول "الغامضة ألى الآن" بجولتها الثانية والخاصة بالوصول إلى حل سياسي للحرب المفروضة على الدولة السورية، في العاصمتين الروسية والمصرية موسكو والقاهرة بشهر نيسان المقبل ،أستكمالآ لمنتدى موسكو وأجتماعات توحيد المعارضة السياسية بالقاهرة ,, مرورآ بالحديث عن طرح جديد لمبادرة ديمستورا،ولكن ومع كل هذه الاحاديث والمنتديات والاجتماعات والمبادرات , يبدو واضحآ بهذه المرحلة تحديدآ أن مسار الحلول "السياسية " للأن مازال مغلقآ بما يخص الحرب المفروضة على الدولة السورية ، وهنا لنعترف جميعآ بأن أستراتيجية الحرب التي تنتهجها واشنطن وحلفائها على الدولة السورية بدأت تفرض واقع جديد وايقاع جديد لطريقة عملها ومخطط سيرها، فلا مجال هنا للحديث عن الحلول السياسية، فما يجري الان على الارض السورية ما هو الا حرب استنزاف لسورية بكل اركانها,فالناظر للعملية العسكرية الكبرى التي كان مخططآ لتنفيذها بمدينة القنيطرة وريف درعا الجنوبي الغربي بقيادة ما يسمى "الجيش الاول- معارضة معتدلة تتحالف مع الاسرائيليين "وبدعم أستخباراتي أقليمي واسع ,, والتي افشلها الجيش العربي السوري بضربة جوية أستباقية بالساعات القليلة الماضية ,سيلاحظ بوضوح ان التعويل على الحل السياسي بسورية بهذه المرحلة تحديدآ هو تعويل فاشل بكل المقاييس ,فاليوم يبدو واضحآ لجميع المتابعين للأحداث اليومية على الارض السورية ومفاعيلها الاقليمية والدولية ,,ان الرهان اليوم هو على الميدان وعلى الميدان فقط ,,من درعا والقنيطرة جنوبآ ,الى حلب وادلب شمالآ .
فاليوم هناك حقائق موثقة بهذه المرحلة تحديدآ تقول ان الدولة السورية بكل اركانها تتعرض لحرب أستنزاف كبرى، وهذه الحقائق نفسها تقول ان هناك اليوم مابين 21-24الف مسلح "رديكالي" غربي وشرق أسيوي وشمال أفريقي ومن السعودية وغيرها من البلدان والمنظمات المتطرفة يقاتلون بشكل كيانات مستقلة "داعش -النصرة" او بصفوف ما يسمى "بقوات المعارضة السورية" وهدفهم الرئيسي هو أستنزاف قدرات الجيش العربي السوري ،، ونفس هذه الحقائق تقول ان هناك اليوم مابين 76-85 الف "مسلح سوري" يقاتلون الجيش العربي السوري ،، وهؤلاء بمعظمهم هم عبارة عن أدوات بأيدي اجهزة مخابرات واستخبارات الدول الشريكة بهذه الحرب على الدولة السورية، وان هناك مابين 20-18 جهاز استخباراتي غربي وعربي واقليمي يعمل اليوم داخل الجغرافيا السورية.
فأدوات الحرب المذ كورة أعلاه كادت بفتره ما أن تنجح بأن تسقط الدولة السورية بالفوضى العارمة ،، لولا يقظة الدولة السورية منذ اللحظة الأولى لإنطلاق الحرب على سورية ،، فقد أدركت الدولة السورية حجم الخطورة المتولدة عن هذه الحرب مبكرآ ،، وتنبهت مبكرآ لخطورة ما هو قادم ورغم حجم الدمار الهائل الذي اصاب سورية ،فلقد مضى ما يقارب أربعة أعوام من التدمير الممنهج و الخراب و القتل و التهجير ،، ومع هذا صمدت سورية الوطن وألانسان ،، ومع أستمرار فصول الصمود السوري امام موجات الزحف المسلح الى العاصمة دمشق وانكسار معظم هذه الموجات على مشارف دمشق ،، ومع عجز الدول الشريكة بالحرب على الدولة السورية عن احراز أي اختراق يهيئ لاسقاط الدولة السورية ،، فهذا بدوره مادفع الدول الشريكة بالحرب على الدولة السورية الى الانتقال الى حرب الاستنزاف لكل موارد وقطاعات الدولة السورية بمحاولة اخيرة لاسقاطها.
فهنا من الطبيعي ان نجد الان كمآ هائلآ من المسلحين العابرين للقارات والمدججين بالسلاح قد ادخلوا لسورية بالفترة الاخيرة ،، والبعض منهم ينتظر دوره بالدخول في معسكرات تركيا والسعودية والهدف من هذا التوريد المستمر للارهاب داخل سورية والعابر للقارات باتجاه سورية هو ضرب منظومة الصمود السورية ،، وضرب المنظومة العقائديه للجيش العربي السوري واستنزاف قدراته اللوجستية والبشرية كهدف يتبعه اهداف اخرى بالمنظومة الاستراتيجية للمؤامره الكبرى على سورية لأن تفكيك الدولة السورية وجيشها الوطني هو الشرط الاساس لاستكمال تفكيك الأرض والمجتمع.
ومع كل هذا فمازالت الدولة السورية بكل اركانها ورغم حرب الاستنزاف التي تستهدفها، قادره أن تبرهن للجميع انها للان مازالت قادره على الصمود ،، والدليل على ذلك قوة وحجم التضحيات والانتصارات التي يقدمها الجيش العربي السوري بعقيدته الوطنية والقومية الجامعة ،، والتي أنعكست مؤخرآ بظهور حاله واسعة من التشرذم لما يسمى بقوى المعارضة المسلحة مما انعكس على تشظيها، ومن هنا نقرأ أن حالة التشرذم لهذه المجاميع المسلحة ،، والتي يقابلها حالة صمود وصعود دراماتيكي لقوة الجيش العربي السوري على الارض ،، فهذا التطور الملفت أن استمر من شأنه ان يضعف الجبهة الدولية الساعية الى اسقاط الدولة السورية بكل الوسائل والسبل.
ومع أستمرار انتفاضة الجيش العربي السوري ألاخيرة في وجه كل البؤر المسلحة بالعاصمة دمشق وريفها "خصوصآ" ،وبجنوب سورية "درعا والقنيطرة "وبشمال سورية "حلب وادلب"، فهذه الانتفاضه بدورها ستشكل حاله واسعة من الاحباط والتذمر عند الشركاء بهذه الحرب المفروضة على الدولة السورية ،، مما سيخلط اوراقهم وحساباتهم لحجم المعركة من جديد،فحديث روبرت فورد السفير ألامريكي السابق بسورية وعراب الحرب على سورية ومهندس ما يسمى بالائتلاف السوري ,عن فشل امريكا بقيادة الحرب على سورية ودعوة واشنطن للتدخل المباشر بسورية,ماهو الادليل على سقوط جميع رهانات واشنطن وحلفائها على ما يسمى "بالمعارضة المعتدلة " , وهنا بأت واضحآ ان بعض القوى التي كانت سابقآ شريكآ أساسيآ بالحرب على الدولة السورية بدأت بالاستدارة والتحول بمواقفها وقامت بمراجعة شاملة لرؤيتها المستقبلية لهذه الحرب المفروضة على الدولة السورية، وهذه الاستداره لم تأتي ألا تحت ضربات و انتصارات الجيش العربي السوري الميدانية وتضييقه الخناق على المسلحين بالكثير من مناطق دمشق وريفها،ودرعا والقنيطرة وريفهما , وحلب وريفها.
ومن هنا نستطيع أن نقرأ أن هذه الحرب على الدولة السورية وتبدل ادوارها وخططها المرسومة ،، بعد أنهيار الكثير من خططها ،، واخر هذه الخطط والتي ما زالت للأن تعمل بفعالية نوعآ ما على الارض السورية وهي "حرب الاستنزاف" ،، ومن هنا أن أستطاعت الدولة السورية أن تصمد وبقوة كما صمدت امام خطط سابقة امام "حرب الاستنزاف" ،، فهي ستستطيع أن تحسم المعركة "ميدانيآ "بفترة زمنية متوسطة ألاجل ،، لن تتجاوز ربيع عام 2016، والسبب ان خطة ألاستنزاف التي تنتهجها واشنطن وحلفائها في سورية لها امد معين وستنتهي بانتهاء مدة صلاحيتها ،، ومن هنا ستكون الدولة السورية بحال استمرار صمودها امام اخر الخطط بالحرب الغير مباشرة عليها ،، ستكون قد أعلنت حسمها مبكرآ لهذه الحرب المفروضة عليها.
ختامآ،، على الدولة السورية اليوم وبكل أركانها،تمتين الجبهة الداخلية اكثر واكثر ، وحتى وان كان ذلك على حساب تنازلات مجتمعية "مصالحات وطنية كبرى" عقلانية تقوم بها الدولة السورية ، للتخفيف من وطأة هذه الغزوة الاخيرة ، وأن نجحت الدولة السورية بذلك وأستطاعت بناء تحالفات جديدة مع قوى مجتمعية سورية كبرى بالداخل السوري ، من خلال تنازلات عقلانية ومهيكلة تقدم لهذه القوى ، فهي ستكون بلا شك قد قطعت شوطآ كبيرآ من أنجاز مشروع الانتصار الاكبر على حلف دولي كان وما زال يطمح للوصول الى هدف أسقاط الدولة السورية بكل أركانها ..........
* كاتب وناشط سياسي -الاردن.
hesham.awamleh@yahoo.com