عندما تتحنّط العقول
منذ سنين ودّع العرب عقولهم ولكن بدلا من إتلافها وإعتبارها خارج صلاحية العمل حيث انتهت فترة إستخدامها فقد فكّر كبارنا ومسؤولينا بتحنيط نلك العقول والإحتفاظ بها في ثلاّجة عسى ان يتم تفعيلها مستقبلا والإستفادة منها بعد ان تأتي أجيال مستقبلا تستطيع ان تتعامل مع انظمة قديمة سواء كانت محفوظة على اقراص مدمّجة او على فلاش ميموري او على هارد ديسك خارجي المهم ان يكون بالإمكان إخراج المعلومات القديمة وتحليلها لمعرفة اماكن الضعف ومحاولة التخلّص منها ومعرفة نقاط القوّة وتعظيمها خاصة بعد ان تقدّم العلم في الخلايا الجذعيّة .
وحيث ان عمل العقول بحاجة الى إحساسات وعواطف ومشاعر لذلك لا بد من تجميد القلوب وإغلاق كافّة حجراتها ميمنة وميسرة لتكون جاهزة للعمل عندما تستفيق العقول من صحوتها وتحنيطها ليعملا معا عقلا وقلبا وعندها تكون الأجساد البالية قد سافرت رحلتها الأبديّة بلا عودة دنيويّة .
ويحقُّ لنا ان نتسائل ايهم افضل لنا ان يصحو اولا هل العقول ام القلوب ام الضمائرولكل إيجابيات وسلبيات ,فإذا صحت العقول ووجدتنا على هذه الحال قد تُصاب بجلطة على الدماغ وقد يؤدّي لشلل تام على الوضع الذي نحن فيه ولكن إن كان صحيان العقول بعد فترة التحنيط الطويلة قد رفع من ذاكرة العقل جميع الأخطاء والنكبات والمصائب فتستطيع البدء من جديد وسيأخذ ذلك وقتا طويلا في البناء بطريقة سليمة وأدمغة محدّثة .
وأمّا إذا صحت القلوب اوّلا ورأت حالنا المزري ورأت شوارعنا مليئة بالدم والدموع فستنفطر من ولهها وتتكربج صمّاماتها وتضيقُّ الشرايين والأوردة الداخلة لها والخارجة منها وتنجلط ولا يعرف عاقبتها إلا الله ولكن إن صحت القلوب بعد فكّ تجميدها وكانت مزهزهة على اخبار جديدة مليئة بالمحبّة والحنان والأمل فإنّها تعمل على الوحدة وتجمِّع ولا تفرِّق وتكون مرسال رحمة من الأغنياء للفقراء ومرسال قوّة لنصرة الضعفاء في عالمنا العربي ليبدأ بتسطير صفحة جديدة بدايتها المحبة والإحترام .
وأمّا ما هو مستبعد ان تصحوا الضمائر من غفوتها في مستقبل منظور نظرا لأنّها لم تُحنّط ولم تُجمّد وانما معظمها سلك إحدى السبيلين إمّا بيعت وقُبضت اثمانها منذ زمن بعيد اوما زالت في مرحلة البيع والشراء ولا يمكن التراجع عن ذلك , وإمّا تكون سلكت السبيل الآخر وهو الموت فقد ماتت ضمائر البعض من شدّة القهر او عمق الجراح عند الفقراء او من هول الفجور والإغراءات لدى الأغنياء وفي كلتاهما لم يعد ضمائر تصحوا , ولكن ولوجود القليل من الضمائر لو افترضنا صحوتها بعد زمن طويل فتكون هي صحوة الموت وستعمل على صحوة العقول والقلوب وعلى سحق العصاة والفاسدون والمستغلين وتجار الحروب وآكلي لقمة عيش الناس وسارقي حليب الأطفال وستعمل شيئا فشيئا على عودة العربي إلى الله .
نحن شعب ضلّ طريقه وضيّع البوصلة والسبب يقع علينا جميعا امّا العوامل التي لعبت دورا فهي كثيرة اهمّها الطمع والحسد والحقد وكلُّها نتيجة البعد عن الدين مما ادّى لضياع الأرض والأخلاق والقيم واستبدلناها بالتبعية للأجنبي والفساد والكراهية فباتت عقولنا محنّطة لوحدها وقلوبنا مجمّدة ومكسيّة بالسواد وضمائرنا ماتت في اغمدتها وحتى الآن لم نعمل شيئا لإصلاح نفوسنا من الداخل لنكسب رضى الله ونستحق الفرج والخلاص .
والحل في الضمير الذي ندّعي باستمرار انّه يعذِّبنا بل وندّعي ان اقسى عذاب هو عذاب الضمير واقول في السرّ والعلن هل الكلام والكتابة على الفيسبوك وتغريدات التويتر تكفي لكي تجعل الضمائر تصحوا بالتأكيد لا ...!!!...
نحن بحاجة لحكومات ومسؤولين يكونوا قدوة في الإنتماء والمثابرة والإبداع والزهد والواقعيّة والعدالة لكي تكون الشعوب على قدر من المسؤوليّة وتساعد الحكومات بتربية الأجيال القادمة بطريقة صحيحة تؤمن بالعمل الجاد وضمن الفريق الواحد وتنمية المجتمع تنمية مستدامة اجتماعيا واقتصاديا وبيئيّا ويغلِّبون مصلحة المجتمع والوطن على مصلحة الفرد عندها لا تستطيع دسائس العدو ان تخترقنا ونستطيع ان نتغلّب على مشاكلنا مهما استعصت .
اللخم وحِّد مقاصد العرب لرضاك واجمع كلمتهم على الحق وادحر الإرهابيّين واجعل كيدهم في نحرهم واهزمهم شرّ هزيمة .
واحفظ الأردن ارضا وشعبا وقيادة واجعله يرفل في ثوب العز والكرامة انك العزيز الكريم .
أحمد محمود سعيد
11/ 3 / 2015