جان نيكوت.. والربيع الأردني

يقال بأن أول من أدخل التبغ الى فرنسا هو المواطن جان نيكوت من مواليد 1553، وقد توفي عام 1600، ومن الواضح ان المذكور لم يعمر طويلا ليستمتع بأولويته في ادخال التبغ الى بلده، او استثمار هذه الأولوية في بناء شركة عابرة للقارات...اتخيل أنه حضر معه شوال التبغ، وطفق يدخّن..حتى مات. .
لكن جان نيكوت عمّر وظل اسما تناقلته الأجيال – وستبقى- الى الأبد، ذلك لأنهم اشتقّوا كلمة النيكوتين، وهي المادة المخدرة في التبغ، من اسم المرحوم جان نيكوت، ما غيره. ومن هنا جاءت علاقة السيد جان نيكوت بالربيع الأردني.
ليس من أجل سيجارة ، ولا من أجل سفط دخان ، لكن السيجارة هذه المرة كانت الشرارة التي أشعلت الربيع الأردني بالورد والأقحوان ...ولو لم تكن الأرض حبلى لما انتفضت، فكشفت عن زنابق الحقل التي ستشعل الثورة على الفاسدين المفسدين .
أتحدث عن الربيع الأردني ، وعن جمر البدايات ، حيث التقى شابان من منطقة جبل بني حميدة ولواء ذيبان- في منتصف الطريق بين منزليهما. كان كل واحد منهما متجها الى الآخر ليستدين منه ثمن باكيت سجاير ، من النوع الرخيص طبعا، وأدرك الصديقان بأنهما، وكل من يعرفان من الشباب، حولهما من أقارب وأصدقاء، لا يملكون شيئا ، بينما تنتشر القصور والفلل في عمان، كما ينتشر الفطر السام.
ربما ضحكا في البداية على هذه المفارقة المبكية، لكنهما جلسا على حجر في منتصف الطريق، وقررا أن يشعلا جمرة الاحتجاج على اوضاعهما، ومن تلك الليلة خططا لأول اعتصام على الدوار ، وحملا لافتات مكتوبة على الكراتين الدخان، بخط اليد، في اليوم التالي انضم اليهما خمسة شباب ، وفي اليوم الذي يليه سار الفا وخمسماية حميدي يرفعون راية الاحتجاج ضد الظلم والفساد.
في الأسبوع التالي عمت التظاهرات المماثلة ارجاء الأردن من شماله الى جنوبه ، بينما الأحزاب التقليدية ، من أقصى اليمين الى ادنى اليسار تنام ، وكل حزب يحلم بالوسائل التي يستطيع فيها أن يرفع من مبلغ ال50 الف دينار التي تدفعها الحكومات لهم .
..اعتقد ان الربيع العربي كان يبحث عن الشرارة بعدما رأى أن شرارة احزاب اليسار مطفأة عن سابق اصرار وتصميم ، وشرارة اليمين مخبأة لانتهاز الفرصة للوصول الى جزء أكبر من الكعكة ( أو ما تبقى منها).