كاد المعلم ان يكون فقيرا

كاد المعلم ان يكون فقيرا

 

تفاجأت وانا اتابع بشغف الاحداث الجارية المتعلقة بإنشاء نقابة للمعلمين في الاردن, ان نقابة المعلمين في لبنان تأسست عام 1938, اي قبل 73 عاماً. وفي مصر, على سبيل المثال, تأسست نقابة المعلمين عام 1954. وايضاً وفي عام 1970 تم تأسيس نقابة للمعلمين في سوريا. اليس من الغريب عدم تأسيس نقابة للمعلمين في وطن يتمتع بقدر من الديمقراطية والحرية يساوي او قد يفوق البلدان الثلاث التي ذكرتها في البداية؟؟!!

 

قد يتساءل الناس عن اهمية انشاء نقابة للمعلمين, او حتى عن العمل النقابي بشكل عام وما هي فوائده. فاذا كنت من هؤلاء, فإليك بالجواب. اولاً, العمل النقابي بشكل عام يقوم على مبدأ توحيد مجموعة من الاشخاص في مجال ما والعمل على تحقيق اهدافهم المشروعة وتحسين مستواهم المعيشي مما ينعكس ايجابياً عليهم وعلى المجتمع. اما بالنسبة لإنشاء نقابة للمعلمين على وجه التحديد, فإن اهمية إنشائها تنبع من ان هذه النقابة سوف تحقق الكثير من امال وطموحات المعلمين والكثير من الفوائد.

 

اذكر منها, تحسين اوضاع المعلم في كافة المجالات الاقتصادية منها والاجتماعية, ورعاية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم وحفظ مكتسباتهم,والارتقاء بمستوى مهنة التعليم وخلق بيئة ابداع وابتكار وبيئة عمل مريحة, والقيام بانشطة ومشاريع قد تسهم في تحسين وضع المعلمين على كافة الاصعدة ؛ من إسكانات ومن منح وابتعاثات دراسية لهم ولابنائهم, ومن تأمين صحي على مستوى عال. انا شخصياً لم اكن ادرك تلك الفوائد ولكن بعد اطلاعي على بعض المصادر, اصبحت على قناعة تامة من ان تأسيس نقابة للمعلمين ضروري ولا مفر منه.

 

مما لا شك فيه ان المدرسة ركن من اركان النهضة, ولذلك يجب المحافظة عليها وعلى كادرها المعطاء الذي يعطي اكثر مما يعطى. وكما يعلم الجميع, ان للمعلم اهمية كبيرة ليس فقط في المدرسة وانما في المجتمع ايضاً. ويجب ان لا ننسى ان للمعلم دور كبير في تربية ابنائنا وبناتنا الى جانب الاسرة. وهو الذي قال فيه امير الشعراء احمد شوقي (قم للمعلم وفه التبجيلا,,,كاد المعلم ان يكون رسولا). وهنا اتساءل, اليس من المدرسة يتخرج جهابدة الاطباء والمهندسين والمحاميين؟ ولذلك, اليس المعلمون هم الاحق بالنقابة؟

 

لكن ما هو واقع المعلم في هذه الايام؟! اريد فقط ان اذكر القليل عن هذا الواقع المؤلم, لكنني لا ادري من اين ابدأ, من الاجور المنخفضة التي يتقاضاها المعلم او من الميزات التي يحصل عليها من تأمين صحي وعلاوة سنوية وراتب تقاعد قد لا يسد حاجته من الخبز. ان متوسط دخل المعلم؛وانا هنا اتحدث عن المعلمين والمعلمات؛ في الاردن لا يتجاوز 300 دينار شهري, فانا اتساءل بتعجب وحيرة واستغراب عن كيف يقوم المعلم بصرف هذا المبلغ,,وهل يكفيه هذا المبغ الزهيد؟؟!! فهل هذا المبلغ يكفي لسد حاجاته من طعام وشراب, في ظل غلاء الاسعار والتضخم؟او يكفيه لاستئجار شقة سكنية ودفع فواتير الماء والكهرباء التي في صعود دائم؟ ام يكفي لشحن هاتفه الخلوي؟ او يكفي لوضع وقود في سيارته, هذا اذا كان لديه القدرة على شراء سيارة؟ يؤسفني ان المعلم هذه الايام يشعر بالخجل اذا ما سألته عن مهنته. وكأنه يساق الى الموت؛ عند ذهابه الى المدرسة في كل صباح. فالمعلم ليس بحاجة الى صدقات. ما يحتاج اليه المعلم هو ان يشعر انه محترم وان حقوقه مصونة, وانه يعيش حياة كريمة اسوة بالمهن الاخرى. وبعدها سيقوم بالواجبات الموكولة اليه على اكمل وجه.

 

بالرغم من تأخر مبادرة تأسيس نقابة للمعلمين في الاردن, لكن ان تأتي متأخراً خير من ان لا تأتي ابدا. فكان على المسؤولين من سلطة تنفيذية وتشريعية ان يتكاتفوا ويتعاونوا لاستصدار قرار انشاء نقابة للمعلمين الاردنيين, لا ان يتلكأوا في ذلك. فنسمع وعود تارة ونسمع نبرات استفزازية ونبرات تحدي تارة اخرى. فانا لا ادري لماذا هذا التعنت الغير مبرر. على اية حال, انا على ثقة تامة وعندي امل كبير من ان فجر هذه النقابة سينبزغ قريباً انشاء الله. فلقد دقت ساعة العمل, لا رجوع, الى الامام, نقابة,,نقابة.

 

 

محمد بسام المناصير

Mohammadalk@googlemail.com