«الباشا» لقب يعاند الإلغاء ويرفض النسيان

يزداد لقب باشا يوماً بعد آخر بريقاً، رغم مرور أكثر من ستة عقود من الزمان على إلغاء جميع الألقاب والرتب في المملكة.
اللقب ذو الأصل العثماني أصبح لازمة لا غنى عنه عند مخاطبة كبار جنرالات الأمن والجيش الذين انتقلوا من ميادين الحرب إلى ميادين السياسية بعد تقاعدهم.
وقبل تخصيص اللقب بالجنرالات المتقاعدين، كان له رنين يستهوي قلوب الزعماء والساسة والموظفين في بلاد شكلت الألقاب الفخرية منذ نشوئها ظاهرة لافتة، أفرد لها العلامة السوري خير الدين الزركلي بابا خاصا في كتابه "عامان في عمان".
ورغم أن عدة شخصيات في البلاد كانت تحمل لقب باشا، فإنّ اللقب ظهر أول مرة في مراسيم تشكيل الحكومات في أيار عام 1924 عندما شكل "علي رضا باشا الركابي".
وتتابع "الباشوات" في الظهور في مراسيم تشكيل الحكومة لمدة 28 عاما في مراسم تشكيل الحكومات، حتى هيئة النيابية المشكلة بأمر رئيس الوزراء إلغاء جميع الألقاب بعد 12 يوما من قيام ثورة يوليو في مصر.
هيئة النيابة قررت في 3 أب عام 1952 اعتماد لقب "السيد" لجميع المواطنين، و"إلغاء جميع الرتب والألقاب في المملكة الأردنية الهاشمية، على أنّ تظل الرتب العسكرية بدون أي لقب".
قرار حرم الحكومة من سلاح استخدمته تاريخيا جزءا من أدوات الحكومة لفرك أذن "المشاغبين"، وخلق موالين يقفون بوجه المعارضين.
فعندما قاد زعماء المعارضة الوطنية حملة واسعة في عشرينيات القرن المنصرم لمقاطعة انتخابات أول مجلس تشريعي في البلاد، ردت الحكومة على ذلك بنزع ألقاب الباشوية عن بعض زعماء المعارضة كراشد الخزاعي وسعيد الأشقر.
ولتزيد الحكومة من وقع خطوتها على نفوس المعارضين، فإنها منحت ستة مواطنين في كل من الكرك وعجلون والسلط لقب الباشوية؛ من أجل خلق زعامات جديدة مؤيدة تواجه زعماء المعارضة.
ومع ذلك، يرفض لقب الباشا أن يطويه النسيان رغم مرور 63 عاما على غيابه عن الظهور في مراسيم تشكيل الحكومات والمخاطبات الرسمية.
وعلى العكس من ذلك، اكتسب لقب الباشا رونقا وبريقا متجددا مع طغيان استخدام الألقاب وكثرتها في المخاطبات بين المواطنين بشكل متصاعد.