ولْ على حظّي!

تعجبني بعض العبارات التي عادة ما يحرص بعض السائقين على كتابتها على مؤخرة او أطراف او زجاج سياراتهم.
وبالنسبة لكائن مثلي، أجد فيها «صورة» عن حال المجتمع، ولو كان هناك «خبير نفسي»، لخرج منها بالكثير من الدلالات والاستنتاجات، التي تكون «نواة» لدراسة المجتمع الاردني بمختلف أطيافه وألوانه.
قبل يومين، خرجتُ والعائلة الى «ابو نصير»، وتركنا الصغير «خالد» يلهو على «الأراجيح»، يتشقلب ويقفز مثل الأرنب ويعفّر نفسه ويعفّرنا بالتراب. وبدا سعيدا وهو يلهو في «الحديقة العامة».
كان حولنا كائنات ورجال ونساء وعائلات، منهم من جاء بسياراته، ومنهم،مثلنا، من استعان بـ»السرفيس» للوصول الى المكان.
تلمسّنا الدفء بعد اسابيع البرّد، وقصدنا «حديقة عامة» تابعة لأمانة عمّان.
ولكونها «مكانا عاما» والدخول اليها «مجاني ومُباح ومُتاح للعامة والدهماء»، فقد ظهر «الخراب والتخريب» و»التكسير» للمقاعد و»مراجيح» الأطفال. فتجد «مرجيحة» بدون «مقعد» او بدون «جنزير»، كما تجد مياها مسفوحة على الأرض مختلطة بالتراب، ولا تعرف مصدرها ولا تدري إن كانت مياه «مجاري» او مياه من «ماسورة مكسورة».
الأولاد والبنات يلعبون، والاهل يجلسون ويراقبون ويحمّسون فلذات اكبادهم، مستفيدين من هذه «الفسحة المجانية».
كانت زوجتي مشغولة بمكالمات هطلت عليها من صديقاتها، وكنتُ اتابع لهو الصغير، وفي نفس الوقت، أبدو «أبا مثاليا»، يخرج مع أُسرته يوم «الإجازة».
وبعد، ان غابت الشمس، «لمّينا العدّة»: كرة القدم وكيس البزر وقارورة الماء، وسرنا نحو موقف «الباص» لنعود أدراجنا.
كنا سعداء وتحديدا انا لأن الصغير قضى ساعات جميلة في الهواء الطلْق وسط الحديقة وبين الأشجار.
لكن زوجتي باغتتني، وهي عادة ما تباغتني بأشياء، قالت: شايف العبارة اللي مكتوبة على مراية الشوفير؟
قلت:مش لابس النظّارة، شو مكتوب؟
قالت: مكتوب عبارة «ولْ على حظّي».
قلت: أكيد السائق «مدمّر» وعنده «إشكالية عاطفية».
دفعنا «الأُجرة»، وأطلق السائق اغنية محمد عبده «البرواز». والتي تقول:
«قلتيلي انسى..
ومن يومها وانا كل ليلة، قدامي البرواز
حبر العيون ودمع القلم في دفتري
وصورتك رغم الألم ورغم انها خذت من اطباعك كثير
وخانت البرواز».
قلت: فعلا السائق «مدمّر»..!!
يا ويل حظّه.