من وثائق الإخوان الأولى
بين يدي وثائق عدة لجماعة الإخوان المسلمين تعود لعامي 1946- 1947، وهي مرحلة الـتأسيس، وسبقها بتاريخ 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1945 أن تمكن الشيخ سعيد رمضان المصري بعد زيارة له لعمان من تأسيس نواة للإخوان في شرقي الأردن، ولم يمض وقت طويل حتى حصلت الجماعة على ترخيص بتاريخ 9 كانون الثاني/يناير 1946 وفيه تمّ السماح «للوجهاء اسماعيل البلبيسي، عبد اللطيف أبو قورة، وإبراهيم جاموس، وراشد دروزه، وقاسم الأمعري بتأسيس جمعية في الإمارة الأردنية باسم جمعية الإخوان المسلمين»، والترخيص والوثائق التي تلته تتحدث عن جمعية أو شبه ناد.
العام 1946نشرت صحيفة الجزيرة المقربة من الإخوان المبادئ الأساسية لجماعة الإخوان المسلمين في عمان، وفي الباب الأول جاءت الأهداف وركزت أيضا على القول: للجمعية مقاصد واهداف» وجاء على رأسها الدعوة للإسلام والعمل على جمع كلمة الأندية الإسلامية وإعداد الشباب وتربيته تربية إسلامية..الخ.
لكي تحقق الجماعة الأهداف، جاء في الوثيقة:» تتوسل الجماعة لنشر مبادئها وتعميم غاياتها بالوسائل الآتية: تؤسس في عمان نادياً يدعى «نادي جماعة الإخوان»، وتسعى لإنشاء فروع وشعب لها في مدن الإمارة، وتحتفل بالأعياد..الخ. ويظهر من المبادئ والغايات أن الجماعة ظلت دهراً من الزمن تعمل خارج اختصاص الترخيص، لكن هذا لا يعني أنها لم تحقق الكثير من الانجازات الايجابية أيضاً، وكذلك عانت واخطأت في بعض المحطات.
الوثائق الأخرى، من حفلة جماعة الإخوان المسلمين بعمان، في أيار 1946 بمناسبة الاستقلال، وألقى الكلمة الترحيبية عن إخوان العاصمة عمان احمد بيك الطراونه، وعن اخوان الكرك هزاع بيك المجالي وتلا كلمة الأمير نيابة عنه عبد المنعم بيك الرفاعي.
اللافت في الوثائق أن الخطاب الإخواني كان يعامل الأمير كخليفة، وقد عرضوا عليه ذلك، ورفضه، والمهم في الأمر أن موقف الإخوان في هذه الوثائق يظهر داعماً لوحدة مصر والسودان ولفكرة جامعة الشعوب الإسلامية التي سافر من اجلها الملك عبد الله المؤسس لتركيا في وكذلك دعموا فكرة وحدة سوريا الكبرى التي قادها الملك المؤسس ووردت الرسائل للملك عبد الله من الشيخ حسن البنا.
ومن يطالع هذا الخطاب ويربطه بالوقائع والاحداث التي تللت ذلك، منذ سيطرة التيار القطبي على الجماعة ومن ثم غلبة تيار حماس على إخوان الأردن ووصولاً إلى زمن الثورات العربية والانكشاف الإخواني والانقسام في الحالة الأردنية، وهي هامة للقياس عليها في خصوصيتها، فإن المنتظر أن يزداد الانقسام والصراع على الإسلام الأردني في ثوبه الإخواني، وسيزداد الانقسام بما يظهر وطنيات عدة ومشاريع عدة وولاءات عدة، الوطنية الشرق أردنية ستشعر بالانتصار، الوطنية الفسطينية ستروج للوضع الذي حصل بأنه انقلاب غير شرعي وفيه دعم وغلية حكومية. وفي جميع الأحوال نحن في الأردن نخسر ميزة، ونخسر الإخوان المتحدين والمتفقين قبل نصف قرن على اهداف تربوية واسلامية واضحة، لندخل اليوم صراعاً لا معنى له على جماعة الإخوان وجمعيتها وتاريخها ودورها.
ختاماً الاخوان، لم يكونوا معارضة تاريخية في الأردن، أوكتلة صلبة ثابتة الوضع، بل حلفاء واقرب التنظيمات للحكم والغرب.