افساد الرابطة الزوجية امام القانون


تستند البنية المجتمعية الاردنية على وحدة الأسرة بشكل واضح وجميل يميزهاعلى النطاق العالمي عن غيرها من المجتمعات بشكل يعكس صفحة من الأمان المجتمعي تضاهي بوضوحها وجمالها معالم الأردن السياحية . ولا شك في أن العلاقة الوثيقة بين الزوجين تعتبر أساس الأسرة المتينة بحيث ينعكس مدى نجاحها على مستوى الإرتقاء بعلاقات البنوة والأخوة بين أفراد الاسرة الواحدة فإن غلفت الثقة علاقة الزوجين وضعت بفضلها الاسرة في دائرة الأمان؛ إلا ان وجود الاسرة في مجتمع أسست فيه التنشئة المجتمعية على حرص الفرد على مصالحه الخاصة ولم تؤسس على احترام حريات الآخرين وترك خصوصياتهم يعرض أحد الزوجين لإفساده عن الآخر من قبل أفراد منفلته من القيم المجتمعية الحميدة مما يعرض الأسرة للتفكك.

والمتصفح لقانون العقوبات الأردني باحثا عما يحمي هذه العلاقة من الإفساد نتيجة لتدخل الغيريجد في باب الإغواء والتهتك أن الفقرة الثالثة من المادة 304 نصت على انه " كل من حرض امرأة سواء أكان لها زوج او لم يكن على ترك بيتها لتلحق برجل غريب عنها أو أفسدها عن زوجها لإخلال الرابطة الزوجية يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين ".

ونجد في هذا النص - من حيث مبدأ إفساد الزوجية - تجريما لمن حرض إمراة فقامت بترك بيتها أو أفسدها عن زوجها؛ ولا يشكل هذا النص حماية قانونية للأسرة الأردنية نتيجة لإفساد الروابط الزوجية بفعل الغير وذلك للأسباب التالية :ـ

أولا :ـ نجد ان النص اقتصرعلى تجريم فعل تحريض الزوجة دون تجريم فعل تحريض الزوج في حين ان العلاقة الزوجية ينجحها ثبات الزوجين وكلاهما معرض للإغواء ؛ لا بل نجد الرجل أكثرعرضة للتحريض لكثرة تنقله المفترض في سبيل إعالة اسرته واحتكاكه بالمحيط خارج الاسرة اضافة لكونه مالك الحق قانونا بايقاع الطلاق , وأعتبر هذا النص مميزا ضد المرأة بشكل يجحف بحق العلاقة الزوجية فهو جعل المرأة محلا لجريمة إفساد الرابطة الزوجية واستثنى كون الرجل محلا لهذه الجريمة ويفهم من ذلك اعتبارالمرأة من قبل المشرع وبموجب نص قانوني أقل كفاية ذهنية من الرجل وهذا عكس الواقع !وذلك يحيل النص نصاغيردستوري ينتقص من مواطنة المرأة باعتباره ماسا بأهليتها رغم كونها تحمل العبء الأكبر للنهوض بالاسرة لكونها حاضنة الصغار ومنشئة الأجيال . إن هذا النص يترك الباب مشرعا لمن أفسد الزوج عن زوجته ولا يحقق الحماية اللازمة للاسرة الأردنية من جهة الزوج رغم ان العلاقة الزوجية انجاحها وحمايتها يعتمد على ثبات كلا الزوجين .

ثانيا:ـ إن هذا النص يستلزم حدوث النتيجة بترك الزوجة للمنزل للدلالة على إفسادها عن زوجها – وفقا للسوابق القضائية المتوافقة – في حين أن الإفساد الحقيقي لا يتوقف على ترك الزوجة للمنزل فقد تبقى في منزل زوجها مسلوبة من روح العطاء بسبب تحريض الغير ؛ وأعتقد أن أسباب وأشكال إنهيار الأسرة أوسع من ذلك بكثير نظرا لما يستجد من قضايا واحداث في مجتمعنا الاردني . ثالثا :ـ هذا النص لا يواكب عصرنا الذي انتشرت فيه برامج التواصل الإجتماعي وأصبحت في متناول أيدينا ولصيقتنا في كل وقت متحدية بذلك الحواجز والمسافات متخطية ثقافتنا السائدة بما يجعل اختراق حرمة العلاقة الزوجية وافساد الازواج عن بعضهما البعض مرهونا بكبسة زر ؛ فهي جريمة في متناول يد كل من سولت له نفسه التعبير عن مشاعر فاضحة او نصائح فاسدة لازواج ضعيفي الوثاق يشرد بنتيجتها الأطفال ويهدد البنية المجتمعية .

ونظرا لإزدياد حالات الطلاق في مجتمعنا بسبب تدخل الغير والذي يعد السبب الثالث للطلاق بعد البطالة والتعاطي - وفقا للإحصاءات المحلية - فإني ارجو على المشرع الأردني ان يعيد النظر بتعديل هذه المادة بما يحقق الحماية اللازمة للعلاقة الزوجية حتى ولم يترك احد الزوجين المنزل ودون اشتراط اللحاق بثالث ... حماية قانونية مواكبة لعصرنا متوافقة مع التنشئة المجتمعية السائدة . نعم الأسرة الأردنية بحاجة لسن المزيد من المواد القانونية تتضمن تجريم كل من أفسد رابطة زوجية وان حاول ذلك ولو لم يفلح .

المحامية مرام مغالسة ناشطة في حقوق المرأة والإنسان