خارطة طريق ملكية للإصلاح
لو يقيض للرسالة الملكية الأخيرة لرئيس الحكومة أن تطبق بكل ما ورد فيها، فإننا لن نحتاج بعدها إلى أي مظاهر احتجاج ومطالب إصلاحية لردح ليس قصيراً من الزمن، غير أن واقع حال المكلف، وهو هنا الحكومة، لا يبدو مبشراً أو قادراً، إذ ليس من المتوقع أن يكون فريق بحجم ما في الحكومة من أعضاء قادرا على تنفيذ مجرد بند واحد مما ورد في الرسالة، ما يطرح التساؤل أمام هذا الواقع ما العمل إذن؟ طالما صدرت رسالة إرادة للإصلاح المؤهل للانتقال إلى مرحلة جديدة، ويقابلها حكومة مرتبكة للتنفيذ.
لم يمض على عمل لجنة الحوار الوطني برئاسة طاهر المصري أكثر من اجتماعين، ومع ذلك وجد الملك نفسه مضطراً لمخاطبة الحكومة بالإجراءات السريعة والحاسمة، وبملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم، والتلويح بعدم التماس أي عذر عن أي تأخر بالإصلاح.
لقد طلب الملك استقلال الجامعات وحريتها، واتخاذ إجراءات فورية لمنع أي تدخل من أي جهة كانت في شؤونها، فهل ستعلن الحكومة اعتباراً من اليوم كف يد تلك الجهات عن الجامعات.
وأكد أن الأردن وطن حرية وإبداع ويقبل الرأي الآخر، فهل ستقدم الحكومة لتحقيق ذلك بالإفراج عن معتقلي رأي وموقوفين من ذات الصفة، حتى وإن صدرت بحقهم أحكام، ومعالجة الأمر، ثم ماذا ستفعل بخصوص المعلم المعتقل جراء مشاركته بتحركات المعلمين، وغيره أيضاً.
يؤكد الملك أن الحراك السياسي وأصوات الشباب صوت وطني، ومنه نؤسس أحلاماً حقيقية، فهل ستذهب الحكومة نحو التفاعل مع هذا الحراك أم أنها ستظل فوقه موقعاً ومكانة وتحكماً به.
وكذلك على أن الأردن لجميع الأردنيين، وأنه لن يفقد أي مواطن حقوقه المكفولة بالدستور، وأمر بإعادة بحث من مُست حقوقه بالمواطنة والجنسية، وفي هذا المجال هل ستعيد الحكومة الأرقام الوطنية المسحوبة لأصحابها بموجب ما هو مكفول لهم دستورياً، وكيف ستنسجم هذه الحقوق مع قرار فك الارتباط؟.
الذي في الرسالة الملكية هو خارطة طريق إصلاحية عامة، وهي تحتاج إلى وضع تفاصيل من جهة قادرة على تحمل المسؤولية وتحقيق متطلبات الجميع، وبما يؤمن عقد حكم ونظاما سياسيا أساسهما مفاهيم إصلاحية جادة وحقيقية تحقق نهوضاً في المسار الوطني السياسي والاجتماعي والاقتصادي للشعب.
لجنة الحوار الوطني القائمة لم تعد مؤهلة لقيادة دفة الإصلاح ومثلها الحكومة أيضاً، والحل أن يقوم الملك مجدداً بااختيار فريقه لتحقيق أغراض رسالته، إضافة لمنحه مساحة من الحرية لإجراء ما يلزم على الدستور من تعديلات.