كبيرة ولو
أغلق ماهر أبو طير كل الاختيارات أمام القراء الذين طلب منهم المناقشة من باب العصف الذهني أن يدلوا بدلوهم حين قال " لكن علينا أن نتذكر أن كل كيانات المنطقة معرّضة إما للشطب أو التشظي أو التوسع وعلينا أن نختار " وربما .. أقول ربما أنه نسي أن يقول إن اسرائيل ليست من دول المنطقة ، وأنها استثناء ،وأنه لا ينطبق عليها ما سوف يقع على كيانات المنطقة ، واستغرب اصراره في المقال على استخدام اصطلاح كيانات المنطقة أكثر من مرة في المقال بدلاً من دول المنطقة ، وهو الذي نعرف أنه يقول ما يريد أن يصل للقارئ فهو ليس غافلاً عن ذلك لأنه مبدع في اختيار المصطلح الذي يلبي دوراً في المقال .
لم أفكر أبداً أن فتح الباب للمناقشة هو فخ أراد منه أن يقف على جوانيتنا ، لأننا بكل بساطة ما زلنا مرفوعي الرأس كما طلب منا سيد البلاد جلالة الملك حين قال : " ارفع رأسك فأنت أردني " ومن الزهو والشموخ الذي بداخلي الذي حركه طلب سيد البلاد أقول : كيف أرفع رأسي وماهر ابو طير يقول إننا في الأردن لا نملك القرار ، ونحن لسنا في ظرف يسمح لنا بترف الاختيار ، وأن خيارنا ليس طوعياً ؟
صغيرنا وكبيرنا يعلم ما يحيط بهذا الوطن من حرائق ، ومن تغيرات كثيرة ، وقد قال جلالة الملك : إننا نخرج من أزمات المنطقة دائماً الأقوى ، من هنا أريد أن أبدأ بالعصف الذهني الذي طلبه من قرائه السيد ابو طير .
ماذا يعني للدولة أن تكون مساحتها بحجم الكرة الأرضية وهي دون قرار حر مستقل ؟ ونحن نعلم أن مساحة السودان أكبر من مساحة أية دولة أوربية أو قد تكون أضعاف مساحة بريطانيا مثلاً أو فرنسا أو الكيان الصهيوني ، ماذا يعيب على بريطانيا أن تكون أصغر مساحة من مصر أو السودان أو السعودية ؟ ولماذا لم تحاول دول أوروبا قديماً أن تفكر بالتوسع على حساب دول اوروبية قريبة منها ومجاورة لها وقد كانت تملك القوة وقتها ، ولماذا نحن في الأردن أمام خيار غير طوعي باختيار التوسع دون التشظي ؟
يعلم الجميع أن السيادة والقوة لم تعد " بالكبر أو الصُغر" كما يعلم الجميع أن النحلة بحجمها تعطي العسل وأن الفيل بحجمه لا يملك ما يعطيه حتى وإن أراد ، ونعلم من كتب التاريخ أن البرتغال استعمرت قديماً دولاً أكبر منها حجماً ، وأن مكتشف أمريكا كان شخصاً واحداً وليس دولة عظمى ، فلماذا يراد لنا أن نكبر وكأننا بعد أن رفعنا رؤوسنا قد صغرنا ؟ لماذا تزامن هذا المقال مع خطاب سيد البلاد تحديداً ، دعونا نرفع رأسنا بحجمنا الطبيعي وقوتنا الطبيعية وشعبنا الطبيعي ، دعوا لنا حجمنا وخذوا الكرة الأرضية فإنها أصغر من مساحة الأردن إذا ملكنا القرار ونحن نملكه .
لقد كنت وما زلت احترم الصديق ماهر ابو طير ، ولكن الذي كتبه صباح يوم الخميس 5/3 من هذا العام استوقفني كثيراً وكأنه يخالف ما قاله سيد البلاد أننا ما زلنا نحن الأقوى بين دول المنطقة وليس بين كيانات المنطقة
أخيراً أقول أجوع أجوع وأبقى واقفاً بعز وكرامة أحيي علم الوطن