التربية الوطنية بعيدا عن معاناة الشارع ! هل تنجح ؟! ام تبقى مجرد مساقات!!!
لاشك ان المرتكزات الرئيسية للتربية الوطنية مهمة جدا لخلق توليفة مميزة تجمع بين الرباعي ( الارض والانسان والنظام والتاريخ) , ولكننا نستغرب احيانا من بعض النداءات التي تطالب بجعل هذا الرباعي على شكل مادة تدرس وان كانت قد درست بالفعل , فالتربية الوطنية بالبلدان المتحضرة عبارة عن ممارسة وسلوكيات اكثر منها مساقات تدريسية بمدارسهم او جامعاتهم , وحتى يتميز اي بلد في العالم بمدى تماسك مجتمعه يجب ان تكون تلك المعطيات الهامة منطلقة من الشارع ومدى قناعته بسياسات الدولة سواءا كانت على المستوى الداخلي او الخارجي , فلو سلطنا الضوء على بعض البلدان التي تدور على ارضها المعارك الضارية والثورات المتنوعة لايقنا كم هو مهم ان نأخذ بعين الاعتبار طموحات الافراد والجماعات حتى تبقى توليفة حب الوطن هي السائدة , ومن مظاهر ضعف الروح الوطنية ايضا بكثير من المجتمعات هو حالات الاستياء العامة التي تعتبر من المقاييس الرئيسية التي تبنى عليها مدى الانتماء والولاء للارض والانظمة الحاكمة , من هنا يجب علينا اعادة صياغة مفهوم التربية الوطنية ضمن الطروحات التالية والتى توطد رباعي مفهوم التربية الوطنية لجعله ممارسة اكثر منه دراسة :
اولا : المواطن _ هنالك قدسية خاصة للشعوب ذكرت بكل الكتب السماوية لان الشعب هو المصدر الرئيسي لاي نظام حاكم حيث انه اذا ما مورست العدالة بجميع فصولها لايمكن ان تتوفر قناعة المواطن بالدولة مهما كانت , فالمواطن هو المكون الرئيسي لاي وطن كان ولذلك يجب تذليل جميع السياسات الفاعلة لخدمته وتلبية طموحاته بالعيش والبقاء , فعينه دائما مبصرة لمايدور حوله من سياسات اجتماعية او اقتصادية او سياسية بحتة, واكبر خطر يعانية من تلك السياسات هو قتل الطموح من خلال المحسوبية المقيتة والواسطة , فالحكومات يجب ان لاتكون مجرد حكومات تسيير اعمال بقدر ماتكون ذات منهجية واضحة تنطلق من معاناة المواطن وبقية شرائح المجتمع , لذلك يجب تفعيل دور العدالة بالتعيينات سواءا بجامعاتنا التي هي مصدر العلم التطبيقي والنظري للاجيال, او تفعيل العدالة بباقي مكونات مؤسسات الدولة من سياسية واقتصادية واجتماعية وعلى اسس موضوعية شفافة يجمع عليها غالبية الشعب , عندها سيتوطد مفهوم الدولة لدى المواطن وبلا نشرات توضيحية او دراسات لان القناعة هي الاساس حيث تستقر بالفكر والعاطفة .
ثانيا: الارض _ان الارض عنصر هام جدا حيث تقاس مدى منعة الشعوب وقوتها بمقدار ولائها لارضها ووطنها , الا ان تلك الميزة لن تكون الا من خلال السياسات التي تركز على دور الارض وارتباطها بالانسان , فاراضي الدولة القاحلة احيانا او الكبيرة نسبيا والتي لايتم استثمارها يجب ان يتم خلق تجانس قوي بينها وبين سكان البلاد اما من خلال الاستثمار او من خلال اعادة صبغتها الوطنية من خلال تسخير الكم الاكبر منها والصالح للاسكان للفقراء واصحاب الدخل المنخض والمتوسط احيانا , هذا من جهة ومن جهة اخرى يجب على الدولة اينما كانت ممثلة بحكوماتها من التركيز على الدفاع عن قضايا الوطن وذرات ترايه , فالحكومات التي توزع الموارد والتنمية بالتساوي على الارض بشمالها وجنوبها وشرقها وغربها لابد ان تكسب تاييد الشارع بجميع اطيافه , وهذا يولد تناغم مميز بين المواطن وتراب البلاد ويوطد مفهوم الانتماء للنظام والارض على حد سواء .
ثالثا: التاريخ _ واقصد هنا وحدة التاريخ لسكان البلاد , والحمدلله تاريخنا واحد لااختلاف عليه وعقيدتنا ايصا واحدة وهمومنا ومصيرنا واحد , لذلك فان سياسات الدولة عندما تتعاطى مع عقيدتنا وقضايانا التاريخية بطريقة تجسد مايدور بفكر المواطن وما حمله من ارث تاريخي على مدار سنين حياته يجعل من السهل عى الجميع الانقياد لسياسات الانظمة وطموح الحكومات ,اما في حالة قيام الحكومات بالالتفاف والتفرد باصدار قرارات لاتناسب عقيدة وارث المواطن فان ذلك يخلق نوعا من الاستياء لدى الاغلبية ويضعف جسر التواصل بين المواطن والنظام القائم , لذلك حتى يبقى الانتماء قائما يجب بكل زمان خلق معادلة اتزان بين التاريخ والعقيدة والسياسات القائمة ..
رابعا : النظام _ يعتبر النظام من العناصر الهامة بتوطيد مفهوم التربية الوطنية البنائه لدى الكثيرين, رغم ان هنالك مفهوم خاطيء لدى الكثيرين ومنهم حتى بعض الاساتذه و المختصين وذلك حول دور النظام فمنهم من يعتبر ان الانتماء والولاء للنظام من قبل الشعب هو الخلاصة لتربية وطنية حقيقية ! الا ان الاصل مختلف تماما لان النظام هو جزء هام من منظومة التربية الوطنية وليست كل التربية الوطنية , وبالعوده لدور النظام فنحن والحمدلله بوطننا الغالي الاردن اجمعنا جميعا على دور الهاشميين التاريخي ببناء البلاد ونسج وحدته الوطنية, فمنذ تاسيس الدولة الاردنية وحب الشعب الاردني لنظامه الملكي قائما ومتزايدا باستمرار , فالدور الهاشي بالنهضة الاردنية واضح الملامح بجميع نواحي الحياة المختلفة في البلاد , واليوم يعتبر شخص جلالة الملك هو الشخصية المحبوبة بالدرجة الاولى لكل المواطنين , فهو راس النظام وقمة الهرم السياس في البلاد , لذللك من مطالب الشعب المستمرة هو ان يبقى نظامنا حارسا امينا عى قضايانا المصيرية وان يبقى جسر التواصل موصولا بين نداءات الشعب الاصلاحية ونظامنا الحالي, وان يكون هم المواطن هو الاولية القصوى لسياسات النظام , وان تتوطد العدالة من خلال محاربة الفساد والفاسدين والقضاء على المحسوبية والشللية القاتلة لطموح المواطن , ولذلك املنا كبير بملك البلاد جلالة الملك عبدلله الثاني ان يبقى التعاطي مع الارض والانسان والتاريخ بنفس المستوى والاهمية لتبقى بلادنا مستقرة امنه وتنشا عندها اجيالنا ا لقادمة بمستوى رفيع من الولاء والانتماء للوطن الغالي .......واخيرا فان التربية الوطنية بعيدا عن طموحات وامال الشارع الاردني ستبقى مجرد دراسات تغيب عنها الروح والموضوعية !!!!
nshnaikat@yahoo.com