بسام حدادين : مع رسالة الملك قلبا وقالبا

 

أخبار البلد - رسالة الملك إلى حكومة د. معروف البخيت، كانت مفاجئة للحكومة وللمراقبين وللرأي العام؛ ليس بمضمونها الإصلاحي الديمقراطي، بل بإلحاحيتها ولغتها الصارمة.

 

الرسالة الملكية خرجت عن المألوف، وأمرت الحكومة علنا بوقف التردد واقتحام المساحات المسكوت عنها، لجهة رفع الوصاية عن الشباب أو التصدي لظاهرة الفساد أو باقتراح حلول عملية لمعالجة الوضع الاقتصادي المتردي للناس.

 

الملك برسالته الأخيرة، يعلن أنه بات يضيق ذرعا بالكلام عن الإصلاح من دون التقدم بسرعة وثقة نحو خطوات عملية ملموسة نحوه. واختيار الملك للعلنية في التخاطب مع الحكومة، باللهجة والأسلوب، يعني إشهارا "للبطاقة الصفراء".

 

أنا كمراقب أفهم رسالة الملك بأنها رسالة عدم رضا عن الأداء الحكومي، وتعبير عن إصرار الملك على التقدم نحو الإصلاح، وعدم القبول بمبررات المماطلة والتأخير والتأجيل، كما كانت تفعل الحكومات منذ أن تسلم الملك سلطاته.

 

وكمراقب أفهم الرسالة بأنها إعلان ملكي من الملك بأنه سيقود هو شخصيا الإصلاح، وسيسهر على تذليل العقبات، ولن يكتفي بكتب التكليف السامية، لأن كتب التكليف منذ عشر سنوات كانت سامية فعلا بمضامينها وأهدافها ومحدداتها الإصلاحية، لكن الحكومات كان لها "أذن من طين وأخرى من عجين".

 

أين تباطأت حكومة د. البخيت؟

 

لنأخذ الجانب السياسي، وهو الأسهل والأيسر. حكومة د. البخيت تلكأت في تشكيل لجنة الحوار الوطني، وتعثرت بظلها قبل تشكيلها. مع ذلك، تم تشكيلها ملغمة بسبب ترددها السياسي والإصلاحي، وأنا أشير هنا إلى الإصلاحات الدستورية تحديدا. وفي نقابة المعلمين، رغم إعلانها دعم حق المعلمين في نقابة، لكنها لم تتقدم ولا خطوة واحدة باتجاه الهدف، واكتفت باجترار عبارات الدعم والتأييد للنقابة إلى أن أنقذها التجمع الديمقراطي النيابي بمبادرة إلى مجلس النواب لطلب تفسير من المجلس العالي لتفسير الدستور حول دستورية نقابة المعلمين. هذه الخطوة كان يجب أن تبادر إليها الحكومة، أو تنسق مع النواب للمبادرة لتذليل العقبة الدستورية المفتعلة، وهذا كان يمكن أن يجنب إضراب المعلمين.

 

وفي قانون الاجتماعات العامة، فقد أحسنت الحكومة بالاستجابة السريعة لطلب الملك بتعديل القانون وإرساله إلى مجلس النواب، لكن الحكومة توقفت عند خطوة إرساله إلى المجلس ولم تبذل جهدا لتحريكه في أروقته. وربما لا يعرف كثيرون أن مبادرة أخرى من التجمع الديمقراطي النيابي أنقذت الموقف الحكومي والنيابي الساهي عن مناقشة مشروع تعديل قانون الاجتماعات العامة. فقد وجه التجمع رسالة رسمية لرئيس مجلس النواب يطلب منه الطلب من لجنة الحريات العامة ضرورة الإسراع في النظر بمشروع القانون لإنجازه في آخر أيام الدورة العادية، وهكذا كان على وجه السرعة، وأصبح ممكنا أن يقره مجلس الأعيان في آخر جلسة له قبل انتهاء الدورة البرلمانية، وإلا لتأخر التعديل إلى الدورة الاستثنائية القادمة بعد شهرين على الأقل.

 

لاحظوا كيف يغيب عن الحكومة المشهد العام ولا تتابع التفاصيل حتى نهاياتها. أنا لا أتحدث عن النوايا، أنا أتحدث عن الرشاقة السياسية وروح المبادرة والمثابرة وسرعة الاستجابة.

 

هذا ما يشكو منه الملك، ونحن معه قلبا وقالبا.