تصويب "الإخوان".. هل أصاب الهدف؟
هل كانت جماعة الإخوان المسلمين بحاجة إلى إصلاح داخلي، وتصويب لوضعها القانوني؟
نعم، ومنذ سنوات. والحاجة أصبحت ملحة أكثر بعد التحولات الهائلة التي شهدها ويشهدها العالم العربي.
الجماعة "الأردنية" في خطابها الراهن، باتت خارج معادلة الفعل السياسي، ووضعها القانوني ليس مفهوما حتى لبعض منتسبيها.
هل كان تصويب الوضع بالطريقة التي جرى فيها منذ أيام، الخطوة الوحيدة الممكنة؟
يصعب على المرء أن يقول نعم بثقة تامة.
عندما تكون هناك جماعة أو جمعية أو حزب، مخالفة في وضعها للقوانين السارية في البلاد، فإن من واجب الحكومة التحرك فورا ومطالبة هذه الجهة بتصويب وضعها. وإذا امتنعت، تباشر الحكومة بنفسها إجراءات تطبيق القانون، كما يحصل مع عديد الجمعيات والمؤسسات.
لا نعلم ما كان يدور في الكواليس. لكن ما حصل أن عددا من قيادات "الإخوان" تقدمت بطلب لتصويب أوضاع الجماعة، من دون معرفة أو تنسيق مع قيادة الجماعة. وعلمنا من ممثل تلك المجموعة، وليس من الحكومة صاحبة القرار، أن مجلس الوزراء وافق على طلب التصويب.
واضح من سياق التطورات أن أصحاب القرار في الدولة كانوا أمام استحقاق لا بد منه فيما يخص وضع الإخوان المسلمين في الأردن، لكنهم حرصوا على تجنب طريقة المصريين في المعالجة، واختاروا مخرجا ذكيا لتسوية مسألة سياسية عبر الآلية القانونية.
ولكي لا تُتهم الحكومة والمؤسسات المعنية في الدولة بتحريك جماعة "إصلاح الجماعة"، آثر المسؤولون الصمت وعدم التعليق، تاركين لمتحدثين باسم الجماعة الأخيرة الإعلان عن القرارات الحكومية بهذا الخصوص.
تلاحقت التطورات في الساعات الماضية؛ فقد أصدرت جماعة إصلاح الجماعة بيانها الأول، ودعت فيه إلى تشكيل قيادة مؤقتة، واعتبار القيادة الحالية فاقدة للشرعية. كما دعت أعضاء "الإخوان" إلى تجديد البيعة للقيادة المؤقتة.
قيادة الجماعة، ممثلة بالمراقب العام همام سعيد وأعضاء من مجلس الشورى، ردوا سريعا برفض ما سموه بالانقلاب، والتمسك بالشرعية.
ما نزال أمام ردود الفعل الأولية، ومنها يمكن الاستنتاج أن قيادتين للإخوان المسلمين في الأردن ستتنازعان الشرعية.
هل نحن أمام انقسام في صفوف الجماعة؟ أين ستقف الأغلبية؛ مع القيادة المعترف بها رسميا وفق القانون، أم مع القيادة المنتخبة التي أصبحت فاقدة لشرعيتها بعد قرار مجلس الوزراء؟
كيف ستتصرف الحكومة مع القيادة "غير الشرعية" بعد موافقتها على طلب التصويب؟ وما هو مصير حزب جبهة العمل الإسلامي وسط هذا كله؟
سيل لا ينتهي من الأسئلة، تطرحه التطورات التاريخية والدراماتيكية على المشهد الإخواني.
لا أعتقد أن هذه الأسئلة وسواها كانت غائبة عن ذهن صاحب القرار، وهو يتعامل مع طلب التصويب. ولا شك في أن المخاوف والمحاذير من انقسام محتمل في صفوف الإخوان المسلمين على أسس إقليمية وجهوية، كانت حاضرة أيضا.
الشيء المؤكد أن مؤسسات الدولة، بما تتمتع به من قوة وثقة اليوم، وجدت في اللحظة الراهنة فرصة لا تفوّت لتشكيل المشهد السياسي في البلاد، واستكمال حلقاته نهائيا.
لم تفهم قيادة الإخوان المسلمين المتغيرات من حولها، وتصرفت طوال المرحلة الماضية كما تصرفت بعض الأنظمة العربية، التي فهمت بعد أن فاتها القطار.
لكن السؤال يبقى معلقا للأيام المقبلة: هل أصابت خطوة التصويب الهدف؟