التعديل الحكومي: أكثر من وجه
أبرز ملامح التعديل الوزاري الذي أجراه، أمس، رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، هو دخول سيدتين إلى مجلس الوزراء، وليرتفع بذلك عدد النساء في الفريق الحكومي إلى خمس، يحملن حقائب وزارية حقيقية. إذ بموجب التعديل، دخلت الحكومة مها العلي؛ أمين عام وزارة الصناعة سابقاً، والتي تمتلك خبرة فنية تنفيذية، لكن يظل عليها دعمها برؤية سياسية تواكب الموقع الجديد.
أما السيدة الثانية، فهي وزيرة الاتصالات مجد شويكة، التي شغلت مواقع مهمة في قطاع الاتصالات. إلا أن ما تحتاجه الآن ربما هو مزيد من التعمق في العمل الإداري البيروقراطي، كونها المرة الأولى التي تعمل فيها شويكة في القطاع العام، بعد اعتيادها وتيرة العمل في القطاع الخاص، والفرق بينهما كبير.
بذلك، تكون حكومة د. النسور هي الأولى، مقارنة بكل الحكومات السابقة، التي تضم هذا العدد من السيدات، وبما يجسد بادرة إيجابية نحو تمثيل النساء في السلطة التنفيذية، كما يشكل استدراكاً -غير معلن- من الرئيس على نسيانه تعيين سيدة في حكومته الأولى، مع التأكيد على إيمانه بدور المرأة الأردنية.
النساء الوزيرات أمام تحد كبير. فالرئيس قدم الفرصة، فيما يبقى الدور الأكبر عليهن لإثبات قدرتهن على تقديم الأداء الأفضل، خصوصا وأن تقييم عدد منهن خلال الفترة السابقة لم يكن كذلك، بل ثمة ملاحظات مختلفة على أداء وزيرتين ممن تولين العمل منذ التشكيل الأول لحكومة د. النسور. والأنباء تشير إلى أن الرئيس بحث عن بديل/ بديلة لإحداهما على الأقل، لكن لم تسعفه قلة الخيارات، ما اضطره إلى الإبقاء عليهما.
أما بشأن التعديل عموماً، فإن التشكيلة جاءت ضمن المتوقع؛ ليس بالتركيز على الفريق الاقتصادي فحسب، بل وأيضاً بعدم المسّ بالوزارات السيادية. فقد ركز التعديل على خروج وزراء من الفريق الاقتصادي، كانت ثمة ملاحظات كثيرة على أدائهم، ولاسيما وزير الطاقة والثروة المعدنية.
الوزير الوحيد الذي انتقل من وزارة إلى أخرى، ولم يبدُ الانتقال مبررا، كان د. إبراهيم سيف الذي تخلى عن حقيبة التخطيط والتعاون الدولي ليتولى وزارة الطاقة التي غادرها د. محمد حامد. وإذ كان د. سيف يضع الملاحظات الأخيرة على الخطة الاقتصادية العشرية (2015-2025)، فإنه لن يتسنى له مواصلة ذلك أو تسليمها كما كان مفترضا، بعد أن صار مشغولاً بملفات الطاقة الأكثر سخونة، وتمثل تحدياً أكبر.
بالتأكيد، يفيد د. سيف في هذا الملف أنه كان متابعا عن كثب لغالبية مشاريع الطاقة. بيد أن ذلك لا يمنع إمكانية مواجهته مطبات كبيرة في الوزارة الجديدة، سيتضح مع الوقت مدى قدرته على التعامل معها.
خلف د. سيف في "التخطيط والتعاون الدولي" هو عماد فاخوري؛ الوزير السابق الذي غادر حديثاً أيضا موقعه في الديوان الملكي مديرا لمكتب جلالة الملك، ليعين عضوا في مجلس الأعيان، ورئيسا لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية. لكن لم يطل مكوثه هناك، منتقلا أمس إلى وزارة التخطيط.
وميزة فاخوري أنه تابع سويا مع د. سيف إعداد الخطة الاقتصادية حينما كان في موقعه في الديوان الملكي، ما يعطيه فرصة استكمال تنفيذ الخطة ما بعد مغادرة سيف. يضاف إلى هذا امتلاك فاخوري القدرة على حمل ملفات التعامل مع الجهات المانحة.
وبعودة الوزير الشاب نايف الفايز لتسلم حقيبة السياحة، تعاد الهيبة للوزارة التي هُمشت خلال الفترة الماضية. وقد عاد الفايز إلى حيث غادر، رغم أن أسباب إبعاده في المرة الأولى مع تشكيل حكومة د. النسور، لم ترتبط بأدائه في الحكومة السابقة، بل على العكس؛ امتاز الفايز بتحقيقه منجزا جيدا، وإقامة علاقة طيبة مع مختلف فعاليات القطاع. وعودته الآن قد تشكل دافعا لاستكمال بناء ما بدأه قبل نحو عامين.
أما حقيبة الدفاع، فإنها للأسف لم تجد من يحملها بشكل مستقل عن منصب رئيس الوزراء، ما يبقي التعديل الدستوري الخاص بشغل هذا الموقع معلقا.
بعد هذه القراءة للتعديل الأخير والذي لا يحمل دلالات سياسية بقدر ما يحمل رسائل فنية، يبقى من نافلة القول أن الجميع بانتظار أداء حكومي مختلف، من الوزراء القدامى والجدد على حد سواء؛ فالغاية من التعديل، بداهة، هي خلق فريق حكومي أكثر انسجاماً، ومن ثم أكثر كفاءة لتكون إطالة عمر الحكومة مجدية.