علامة إستفهام حول الوقت المتاح للرئيس الأسد لوقف الإحتجاجات

تتواصل التحركات المطلبية السلمية في جنوب سوريا لليوم السادس على التوالي، في سابقة لم يعرف النظام السوري مثلها من قبل، خصوصًا في عهد الرئيس الحالي بشار الاسد، وسط تساؤلات عن الوقت الذي يمكن للسلطات الصمود فيه أمام الإحتجاجات. في حين تقوم القوات الأمنية بحملة إعتقالات على خلفية التظاهرات التي جرت.


إستمرت الإحتجاجات في مدينة درعا جنوبي سوريا لليوم السادس على التوالي في تحدٍ لم يُعهد له نظير من قبل لنظام الرئيس بشار الأسد.


وتحدثت التقارير عن تجمعات في العديد من البلدات المحيطة بمدينة درعا التي تحولت الى مركز الحركة الاحتجاجية منذ يوم الجمعة، وكذلك في منطقة الحجر الأسود قرب دمشق.


وفي محاولة لإخماد الاحتجاج قرر الرئيس الأسد إقالة محافظ درعا فيصل كلثوم. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر مطلعة ان رئيس جهاز الأمن السياسي نُقل الى وظيفة أخرى.


وشجبت الولايات المتحدة الأميركية رد فعل النظام السوري على الإحتجاجات السلمية. وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي تومي فيتور ان الولايات المتحدة تدين أعمال العنف التي وقعت في سوريا. وأضاف ان التقارير تشير الى ان السلطات السورية إستخدمت القوة المفرطة ضد المدنيين وخصوصًا ضد المتظاهرين ومشيعي القتلى.


وكان ستة اشخاص على الأقل قُتلوا في درعا منذ يوم الجمعة بينهم طفل في الحادية عشرة من العمر، كما أفادت وكالة اسوشيتد برس نقلاً عن ناشط سوري.


وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" ان عصابة مسلحة قامت بتخزين أسلحة في المسجد العمري في درعا وإستخدام أطفال خطفتهم من عائلاتهم كدروع بشرية. وكانت الوكالة قد ذكرت في وقت سابق ان درعا تعود الى حياتها الطبيعية وان اللجنة التي شُكلت للتحقيق في "الأحداث المؤسفة" في درعا تواصل عملها وستحاسب كل من تثبت مسؤوليته فيها.


حملة إعتقالات


في غضون ذلك، عمدت السلطات الى تصعيد حملة الإعتقالات. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان الناشط المعروف لؤي حسين تعرض للإعتقال يوم الثلاثاء، بينما تحدث ناشطون في دمشق عن عشرات الإعتقالات الأخرى. وفي يوم الخميس اعتقل 32 شخصًا من أفراد عائلات خرجت في تظاهرة صامتة يوم الأربعاء للمطالبة بإطلاق سراح أبنائها من السجناء السياسيين الذين إعتقلتهم السلطات بتهمة "إضعاف المعنويات الوطنية"، كما أكدت منظمات سورية لحقوق الإنسان.


وفي درعا قدم وجهاء المدنية مذكرة الى الحكومة السورية تتضمن قائمة من المطالب بينها إنهاء الفساد وإقالة المحافظ ورئيس جهاز الأمن في المدينة والإفراج عن السجناء السياسيين وإتاحة شراء وبيع الممتلكات دون الحاجة إلى موافقة المسؤولين الأمنيين المحليين.


لم يهتف المحتجون بسقوط النظام، لكن الشعارات التي تنادي بالثورة كانت من سمات التحرك الشعبي. وقال مراقبون ان من الصعب التكهن بما سيحدث لاحقًا. ولفت المعارض السوري عادل أيمن نور الذي يدير موقعًا إلكترونيًا من الخارج الى ان العديد من مطالب المحتجين مطالب محلية، لكن ليس معروفًا ما إذا كانت ستُلبى متوقعًا تصاعد الوضع إذا لم تُنفذ هذه المطالب.


وعلى الرغم من أن التظاهرات لا تبدو منسقة، فإن الشبكات الإعلامية آخذة في التزايد. ويجري عبر البريد الإلكتروني تناقل قائمة يومية من الروابط الى أشرطة الفيديو والتقارير عن الإحتجاجات يمكن الإطلاع عليها عبر الإنترنت. ويقول ناشطون في مناطق أخرى من سوريا ان تعاطف السوريين يتعاظم مع المحتجين.


هل يقدم النظام تنازلات؟


يرى محللون ان على الرئيس الأسد اتّخاذ إجراءات أوسع لمنع الإحتجاجات من الإنتشار. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن دبلوماسي غربي في دمشق قوله "ان على بشار الأسد ان يقدم مزيداً من التنازلات، لكن هناك علامة إستفهام عما إذا كان يستطيع ان يفعل ذلك بسرعة كافية".


وإزاء عدم إمتداد التظاهرات إلى المدن الكبيرة يتوقع بعض المحللين ان يتمكن النظام السوري من الصمود في الفترة المقبلة. وقال جوشوا لانديز مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما الأميركية ان النظام السوري "سيفعل ما يفعله دائمًا وهو البطش بالمواطنين وإقتحام البيوت وجر بعض الأشخاص الى السجن" على أمل ان تختفي المشكلة. لكنه أضاف ان هذا الإستقرار قد يكون عابرًا إزاء الحراك المتسارع للإحتجاجات في المنطقة. وقال لانديز "ان الشباب هم العامل الديناميكي الذي يتغير أسرع مما نستطيع ان نلحق به".


هجوم على المعتصمين


في غضون ذلك، سُمعت أصوات اطلاق نار كثيف في ساعة مبكرة من الاربعاء قرب محيط المسجد العمري، في ما بدا انها محاولة لإنهاء الإعتصام الذي يقوم به محتجون سوريون منذ اربعة ايام.


وقال احد المعتصمين ويدعى مصطفى في اتصال هاتفي مع "البي بي سي" إن قوات الأمن السورية هجمت على المعتصمين حوالى الساعة الواحدة والنصف ليل الثلاثاء على الاربعاء واطلقت الرصاص الحي بكثافة على المعتصمين.


واضاف انّ بحدود 500 شخص كانوا يعتصمون بشكل سلمي في خيم نصبت قرب المسجد وان لهم مطالب محددة في إطلاق سراح الأطفال الذين إعتقلوا في المدينة وتخفيف الضغط الأمني على المدينة.


وأكد ناشط حقوقي لوكالة فرانس برس وقوع خمسة قتلى وعشرات الجرحى نتيجة ما قال انه هجوم عنيف شنته القوات السورية على المعتصمين امام المسجد العمري. وقال ابو وسام المسالمة، وهو احد المعتصمين، لـ"بي بي سي" إنه اصيب بطلق ناري في رجله وإن قوات الأمن العام قامت بمهاجمتهم من أربع جهات، وبدأوا بإطلاق الرصاص الحي باتجاههم.


وأضاف ان كل الطرق المؤدية إلى المدينة اغلقت وان قناصة انتشروا على سطوح المنازل يطلقون النار عليهم. ولم يتسن بعد التأكد من هذه الانباء من مصدر مستقل.