حتى لاننسى خبث بني صهيون
على مر السنين التي شهدتها الشعوب كانت الحركة الصهيونية العالمية قد تمكنت من تثبيت جذورها في شتى بقاع العالم ولم تتغيب لحظة عن غايتها المدروسة بحنكة ألا وهي فرض سيطرتها على مراكز الحكم وما يساندها من أحزاب ومؤسسات ومنابر إعلامية و وسائل اقتصادية مختلفة بغية منها في التغلغل بين هذه النقاط المحيطة بمراكز الحكم وخلق زاوية متينة ومحصنة لعملائها في كل فرصة تحظى بها وبالرغم من بساطة الخطة الصهيونية وهدوئها المحدث للضجيج من نوع آخر كما اللص الذي يستند لذكائه أكثر من عضلاته! إلا أنها استطاعت أن توقع بكثير من الدول تحت قبضتها وتستفرد بمكامن قوتها بكل سهولة إذ كانت واحدا من أهم العناصر في اتخاذ قرارات لها قدرها فيما يخص اختيار رؤساء الحكم والذين هم مفتاح المهمة الكبرى ألا وهي الإطاحة بالشعوب! وقد عرفت الصهيونية بمدى خبثها والهروب بقدراتها عن الأضواء لتصنع بفطنتها سنارة صيد فريدة تتصيد بها فريستها بكل حذر إذ استطاعت أن تصل إلى أمريكا أعظم دول العالم و أقواها صاحبة الوعي السياسي والديمقراطي...فسلام على الدول الأضعف كما تركيا وبقية الدول العربية ! وقد كان للصهيونية بصمة واضحة في تاريخ الخلافة الإسلامية حينما تسلم أتاتورك حكم بلاد المسلمين في تركيا ولم تنزع عنه هذه الملكية حتى لقب ب "أشهر حاكم يهودي" على الضفاف الإسلامية، فقضى على الخلافة ببطشه وحارب الديانة الإسلامية بتفاصيلها، إذ منع الحجاب وإقامة الآذان في المساجد ولم يغفل عن الجانب الثقافي فحاول طمس اللغة العربية -لغة القرآن- واستبدالها باللغة اللاتينية وتبعا لذلك أصبح النفوذ الصهيوني يمتد ليطال الهوية العربية في كثير من الدول والتي كانت تخضع للاحتلال الإنجليزي والفرنسي الأمر الذي وفر عليه صعوبة الحصول على فرصة للوصول إلى مراكز الحكم في تلك الدول العربية الإسلامية والذي تمثلت بانعقاد أول مؤتمر صهيوني عام 1897 في مدينة "بال" في باريس والذي تزعمه مؤسس الحركة الصهيونية "تيودير هرتزل" وخرج هذا المؤتمر بقرار يعتبر نقطة بداية لدمار الهوية العربية وتفكيكها بخلق قضية مصيرية كانت وما زالت تمثل العقدة العربية بكل مافيها من ألم..ألا وهو إنشاء دولة يهودية في فلسطين إذ أن العقبة التي كانت تواجه الصهاينة في تملكهم لها أنها كانت تحت حكم تركيا الدولة الأقوى آنذاك بقيادة السلطان عبد الحميد الثاني والذي رسمت المؤسسة الصهيونية على اتباع أسلوب تبادل المصالح معه للحصول على مطلبها فعرضت على السلطان أن يتنازل لها عن فلسطين مقابل أن يتم تسديد جميع الديون العثمانية ومنحه قرض بدون فوائد ينعش الخزنة قدره 35 مليون ليرة وبناء جامعة عثمانية إسلامية في القدس وأسطول جديد وتقديم رشوة شخصية للسلطان بقدر 150 ليرة ذهبية ! فجاء الرد العثماني صادما لهم إذ رفض السطان المساومة على فلسطين و أعلن أنه لن يتنازل عن شبر واحد من الأرض المقدسة لأنها ببساطة ليست ملك شخصي و أنه لا يريد أن يسود صحائف المسلمين ولو دفعو له ملئ هذه الأرض ذهبا! مما استثار الغضب الصهيوني و أخذو يتوعدونه بتدميره وخلع سلطانه وعلى إثر ذلك كانة إنطلاقة المنظمات الصهيونية وتجنيد العملاء في تركيا ممثلة في جمعية الإتحاد والترقي التي عرفت ببطشها وسياستها التعسفية ، هذا الطابع الذي لطالما توشحت به الدولة الصهيونية وما زالت إلى هذا اليوم. وفي الوقت الذي كان اليهود يمارسون استبدادهم كانو يحرصون على منع أي وعي عربي حيال مراميهم يسهم في خلق ثورات تحطم مسارهم فحينما قدم كتاب " بروتوكولات حكماء صهيون" الذي ضمن فيه حقائق السياسية الإسرائيلية البشعة وخباياها وشعارهم المقدس " نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه... ومحركي الفتن فيه وجلاديه"! والذي قدم في أحدى طبعاته بقلم الكاتب الكبير "عباس محمود العقاد”. ثار اليهود وسارعو إلى إغلاق مثل هذه النوافذ التي قد ترمي بهم برياح فكرية توقظ الوعي العربي ، فقامو بشراء أكبر قدر من نسخ هذا الكتاب وإحراقه! أما عن المؤامرة الصهيونية التي تمارس بدقة على هذا العالم الآن فهي متمثلة باستيلائها على الدول العربية وجر شعوبها لجانبها من خلال بث الفتنة وزرع بذور الخلاف والتشتت لتجعل من هذه الشعوب فريسة سهلة المنال، إضافة إلى خلق صراعات واضحة بين الشعوب والحكام بغية تفكيك قواهم وبالتالي يسهل على الدولة الصهيونية أن تضع قدمها بكل ثبات على الأراضي العربية فيما أهلها منشغلون بالقضاء على أنفسهم بأنفسهم فلم تترك باب إعلام أو تعليم أو ثقافة ممثلة بالمسارح أو حتى دور الطباعة والنشر أو أي من وسائل التأثير على الرأي العام أو باب اقتصاد كما البنوك إلا وطرقته و اقتحمت ما ورائه لتبرمج عقول الشباب بكل ما يخدم مصلحة اليهود ويؤدي بالقوة الصهيونية إلى السيادة بإجبار الشعوب الضالة لحقيقة ما يدور حولها على الانصياع لهذا الكيان الغاصب بعد أن غدت هذه العقول لاحول لها ولا قوة كما قطع الشطرنج تحركها أيادي صهيونية بارعة في اللعب تستثني خيار الخسارة في حضرة شعوب تحولت بجهلها لهذه المكيدة إلى "روبوتات" لا تحتاج سوى لأمر بحركتها كيفما شاؤوا! وللأسف تذهب لحتفها بنفسها ! هؤلاء الصهاينة لم يتركو مكانا إلا وزرعو لهم فيه عميل فباتو ينامون على فراش واسع ! حدوده من أكبر الدول إلى أصغرها! أشعلوا فتنة الحرب العراقية - الإيرانية للابتزاز المالي من دول الخليج ونهب الثروات العربية والنفط العربي إلى أن خسر الطرفين الملايين مالا وبشرا ! أشعلوا الحرب في أفغانستان بحجة التخلص من الغزو الروسي الشيوعي! جيشوا وجهزوا شباب العرب المسلمين بدعم من حكام الأنظمة العربية لمحاربة الشيوعية وذلك في غياب واضح للوعي العربي. ألم يكن الأجدر بالأنظمة العربية أن تفكر مليا قبل أن تضع جهودها في المكان الخطأ؟ ! ألم يكن الأجدر بهم أن يقوموا بتجهيز الجيوش العربية من الشباب المسلمين لمحاربة الغزو والاحتلال الصهيوني في فلسطين وتطهير الأرض العربية المقدسة بدلا من تطهير أفغانستان؟ ! صنعوا للإرهاب قواعد على أيدي الشباب المسلم بدعوة صهيونية عربية مشتركة خبيثة! حولوا القنوات الفضائية لبيوت جهل وانحطاط و زادو عليها العهر السياسي لتكتمل الشاشة مأساة…. وماذا بعد!؟ إلى متى سيظل العرب مطأطئين الرأس يجرون أذيال الجهل معهم ويتبعون كيانا شيطانيا لا دين له ولا منطق ولا حق ولا شيء! باعتقادي إن كان هناك صفعة ستأتي من كف رجل صلب فالأجدر بها أن تقع على وجه العرب لا على وجه أعدائهم! لعل الدم العربي الأصيل الذي كان على زمن العروبة المشهودة لأجدادنا والذين كانت أنفسهم العزيزة تأبى أن نكون تابعين لا بل متبوعين، يجري من جديد في عروق الغافلين منا ، فيستفيق العرب من غيبوبتهم اللامغفورة ويضربون يضربون..بيد من عقل ووعي وقرار تحقيق للذات ...تمكنهم حينها من أن يضربو أعدائهم بيد من حديد دون أن يكسر لهم ضلع !