عن قناة البحرين والغاز مع (اسرائيل)
من السذاجة بمكان مقاربة موضوعات مثل قناة البحرين والغاز مع (العدو الصهيوني) كما لو أنهما مجرد مشروعات ثنائية من مشروعات (التطبيع الاقتصادي) وحسب.
فهما، كما غيرهما، جزء من إطار اقليمي أكبر وأوسع – وفق مشروع الشرق
الأوسط الكبير.
ويعول العدو على هذا المشروع لتمرير ما يعرف بتقسيم العمل الاقليمي في
الحقول كلها وعلى المستويات جميعها، وهو التقسيم الذي ينطلق من تدوير أو إعادة
إنتاج السيطرة والهيمنة الاقليمية للعدو في كل مرة، بإحالة مشروعات أو صناعات باتت
قديمة أو غير مجدية إلى مجالاته الحيوية..
ومن ذلك التخلص من صناعة الاسمنت (الملوثة للبيئة) وصناعة النسيج (غير
المجدية) بالاضافة للمحور الرئيسي في كل ذلك، وهو التعامل مع المحيط خزانا بشري من
الزاوية الديموغرافية وخطرها عليه.وفيما يخص المشروعين، قناة البحرين والغاز،
نتذكر ما تقدم به شمعون بيريز باسم السلام الاقتصادي إلى مؤتمرات دافوس – البحر
الميت وقمّة عمّان الاقتصادية 1995.
وكان يهدف إلى بناء منظومة وبنية اقليمية تحتية تحت السيطرة
الاسرائيلية بغطاء السلام الاقتصادي المذكور وفي إطار مشروع آخر هو البنيلوكس
الثلاثي (مركز اسرائيلي ومحيط أردني – فلسطيني):
أولًا، قناة البحرين (البحر الاحمر – البحر الميت)، (ناقل أنابيب برسم
التحول مستقبلا الى ما هو أخطر من ذلك، ويهدد قناة السويس):-
1.إن المسؤولية الكبيرة عن انحسار البحر الميت بدأت مع تجفيف العدو
نهر الأردن بنقل مياهه لى طبريا، والمطلوب معاقبة العدو على ذلك وليس البحث عن
حلول معه.
2.إن المشروع سابق للتجفيف، بل يعود إلى مداولات الحركة الصهيونية في القرن
التاسع عشر، وقبل هرتزل نفسه، وأساس هذه المداولات تصورات الفرنسي شارل فورييه
لتوطين اليهود في النقب.
3.كما في كل تقسيم للعمل الاقليمي فإن الطرف الرئيسي (العدو) هو
المستفيد الكبير من مشروع قناة البحرين، وخاصة لتبريد مفاعلاته النووية وتأمين
الطاقة والمياه المحلاة لمستوطناته الجديدة في النقب وبعث الحياة في المشروع
الاقتصادي السياحي (وادي السلام) بالإضافة لابعاده الأمنية والعسكرية الأخرى
4.حسب الدكتور سفيان التل، وكما جرى التخلص من المياه شبه العادمة في
دجانيا طبريا وأحواض الأسماك فيها وضخها إلى الجانب الأردني، فإن نفايات المياه في
المشروع الجديد ستضخ إلى البحر الميت والذي لن يطرأ تعديل يذكر على مسطحاته
المائية المنحسرة.
ثانيا، أيّا كان مصير صفقة الغاز مع العدو، فهي كما مشروع قناة
البحرين جزء من تصورات لإطار وبنية تحتية اقليمية لما يسمى السلام الاقتصادي ومشروع
البينلوكس الثلاثي (مركز اسرائيلي ومحيط أردني – فلسطيني).
وتعود هذه الصفقة لتصورات سابقة على ضرب خطوط الغاز المصري، بل ان
قيام (مجاهدي تل ابيب) بضرب هذه الخطوط في سيناء يخدم هذه التصورات.
وحسب الدبلوماسي (الاسرائيلي) السابق في قطر، سامي ريفيل، في كتابه (قطر
واسرائيل)، فإن صفقة الغاز المذكورة كانت واحدة من تداعيات ما اعتبره (انقلابا
اسرائيليا) عام 1995 ويقصد تولي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني السلطة في الدوحة،
ويربطه بمشروع الشرق الأوسط الكبير والسلام الاقتصادي وصاحبه (شمعون بيريز)
وبمذكرة التفاهم التي وقعتها (الأردن واسرائيل وقطر) خلال المؤتمر الاقتصادي
الثاني للشرق الأوسط وشمال افريقيا في اكتوبر 1995 " ص 4-72-73-98-144″