"سياسي يتذكر".. نافذة مهمة على أحداث تاريخية
لم يكن غريبا أن يكون هناك اهتمام كبير من قبل القراء بمختلف أصنافهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية، بمذكرات رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران والتي تنشرها "الغد" على حلقات، ضمن زاوية "سياسي يتذكر". فبدران رجل دولة من طراز رفيع، وكان شاهدا ولاعبا مهما في الكثير من الأحداث التاريخية والمهمة التي شهدها الأردن والمنطقة العربية. ولذلك، كان هناك اهتمام كبير، ومتابعة كبيرة لما قاله ويقوله بدران خلال تلك الحلقات، من قبل فئات واسعة من المجتمع، ترافق ذلك مع حوار غير مباشر فرضته الحلقات ما بين بدران وعدد من السياسيين الذين زاملوه، أو من قبل أبنائهم، أو آخرين من النشطاء السياسيين، إذ كانت هناك ردود مكتوبة على بعض ما ورد في الحلقات، وخصوصا في بعض المفاصل المهمة من تاريخ الأردن.
ومن المتوقع أن يستمر الاهتمام بمذكرات بدران حتى الحلقة الأخيرة وما بعدها. وقد يدفع هذا الاهتمام العديد من الشخصيات السياسية للإدلاء بدلوها بما أورده بدران من أحداث ومواقف في قضايا مصيرية ومهمة، كهبة نيسان في العام 1989، والتي انطلقت من معان احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتردية وانخفاض قيمة الدينار، وغزو الكويت من قبل العراق، وما تلاها من حرب عالمية على العراق، وموقف الأردن من هذه الحرب. بالإضافة إلى عشرات القضايا الأخرى المهمة التي تحدّث عنها بدران، وكشف الكثير من الخبايا وسلط الضوء على أحداث ومواقف لم تكن معروفة، ولم يتطرق إليها أحد قبله.
إن مذكرات بدران، من خلال "سياسي يتذكر"، وبما تحمله من مضامين مهمة، ومواقف تكشف لأول مرة، تساهم في تعزيز معارفنا ومعلوماتنا عن أحداث مفصلية وتاريخية. كما أنها تساهم في زيادة معارف أجيال شابة لم تعش تلك الأحداث التي شهدها وطنها، وأثرت عليها وعليه.
وقد يشجع هذا الاهتمام الكبير بحلقات "سياسي يتذكر" مع بدران، ومع غيره من السياسيين التي نشرتها "الغد" سابقا، سياسيين آخرين على تقديم شهادتهم للتاريخ، بما يسهم في حوارات سياسية غنية، تزيد من معارفنا ومعلوماتنا حول أحداث تاريخية عاشها وشارك فيها الأردن. وأعتقد أن هناك العديد من رجالات الدولة وسياسيين وحزبيين ونشطاء عاشوا وشاركوا في أحداث سياسية مرت على الأردن، وكان لهم دور فيها، يتوجب عليهم الحديث وتقديم وجهة نظرهم في هذه الأحداث، وتسليط الضوء على المخفي منها، للمساعدة في كتابة التاريخ. فالحديث هنا ليس ترفا، وإنما خدمة للوطن والمجتمع والأجيال الشابة.