ثلاجة الاخوان وحرارة الانقسام التنظيمي

حجم الاستدارة التي قام بها قيادات اخوانية عن القيادة الحالية للجماعة والبيت التنظيمي الاخواني , تحتاج الى شوارع ضخمة ربما تقترب من حجم واتساع مهابط الطائرات وليس بحجم ومساحة الطُرق السياسية المفتوحة في العاصمة عمان , فأوزان المُستديرين من العيار الثقيل بل اقرب الى مفهوم القاطرة التنظيمية والحزبية منه الى العضو الحزبي العادي اضافة الى قيمتهم وثقلهم في محيطهم المهني والاجتماعي , فالاستاذ عبد المجيد ذنيبات مراقب عام اسبق والتسعة الاخرين ممن تم اتخاذ قرارات اخوانية بفصلهم , شغلوا مواقع تنظيمية وحزبية حساسة ومتقدمة .
نقاش الحالة السائدة داخل البيت الاخواني تفترض بداية حُسن النية والرغبة في مرور هذه العاصفة بهدوء ودون ظلال ثقيلة كالانشقاق او توسيع الهوة بين اعضاء الجماعة الاخوانية التي اتسعت منذ سنوات ليست قليلة حافظت خلالها الجماعة على تماسكها وبقاء الخلاف داخل البيت الاخواني معتمدة على تراثها السابق في حفظ الخلاف داخل ثلاجة التنظيم لضمان عدم حموضته او فساده لضمان عدم وصوله الى الانشقاق او التشظي , كما ان نقاش الحالة ليس بحاجة الى اذن فالجماعة كما قال مراقبها العام الحالي تتمتع بنصاب اجتماعي سياسي مهني يجعل نقاشها واجب سياسي .
حالة الصدام الراهنة داخل بيت الجماعة هي تعبير حقيقي عن ازمة داخلية عاشتها الجماعة منذ عقدين تقريبا بعد ان قفزت من مركب الدولة الى الشارع الشعبي العام وظلت تراوح في الابتعاد والاقتراب من المركب الى ان حدث الفراق بالمقاطعة السياسية منذ العام 2007 الذي شهد اخر مشاركة اخوانية في الحياة السياسية الانتخابية , والصدام على اتجاهين داخل الاطر التنظيمية التي سأمت حالة الانسداد وعدم تجاوب الجماعة مع المتغيرات السياسية المحلية , وبين تلك الاطر ومؤسسات الدولة الرسمية التي تباطات في الاصلاح وتلعثمت وعطلت مساراته في كثير من المواضع , وبالتالي الحديث بأن الدولة واجهزتها تدعم طرف على طرف ليس صحيحا ولكنها استثمرت حُكما بالخلاف دون ان تعبث بقواعد الاشتباك الثابتة مع الجماعة الاخوانية والتي تقول لا حظر ولا اغلاق ولكن محاصرة وانسداد , بالمقابل لم تعبث الجماعة بقواعد الاشتباك ايضا فهي بقيت على اخر درجة من درجات اصلاح النظام كسقف لمطالبها السياسية .
حسب القواعد التنظيمية المعمول بها في الاحزاب الشمولية التي تقع الجماعة الاخوانية في تصنيفها فإن قيام مجموعة بالتصرف دون اذن حزبي او موافقة تنظيمية تستوجب العقوبة وتتدرج العقوبة من التنبيه الى الانذار الى الفصل والقيادة الاخوانية اخذت بالعقوبة الاعلى وربما هذا بحاجة الى اعادة قراءة وقد المح المراقب العام الى ذلك شريطة العودة الى الحاضنة الاخوانية والالتزام بقراراتها وللانصاف فإن سلوك اعضاء بشكل فردي بقرار حيوي واستراتيجي دون اذن حزبي او موافقة تنظيمية يثير القلق ويفتح باب الاسئلة غير البريئة ويستوجب العقوبة حتى وان كان التصرف من باب الحرص على التنظيم فحسن النوايا طريق مفتوح الى جهنم .
كذلك فإن اصرار قيادة الجماعة على اجراءات شكلية لتحقيق لحمة الجماعة كان في غير محله على الاقل في الفترة الاولى , فأعضاء المبادرة الاردنية للبناء " زمزم " وقعّوا على الوثيقة المطلوبة وارسلوها الى المراقب العام لكن اصراره على توقيعها في مكتبه يفتح ايضا باب الاسئلة غير البريئة , فلماذا الاصرار على مكان التوقيع واسقاط اصل الفكرة وهي الالتزام الحزبي والانضباطية التنظيمية , الا اذا اخذت الخلافات طابعا لا ينسجم مع اصل الفكرة الاخوانية كجماعة عابرة للحدود وثمة محاولات تصنيفية على اسس جهوية وجغرافية ترفضها الديانة الاسلامية السمحة التي تستند اليها الجماعة ولا مجال لتذكيرها بالحديث النبوي الشريف " دعوها فإنها منتنة " .
لا يَسعد بانشقاق الجماعة او بتعاظم الخلافات داخلها , الا سياسي محدود النظر , فهي حاضنة امان اجتماعي وسياسي وان اختلفنا معها في الاسلوب والطريقة وشكل التعبير عن الاختلاف , ومحاولة اذكاء الخلاف او الاستثمار فيه خطوة غير محسوبة ولا تخدم الحالة الاردنية لا في المدى القريب ولا على المدى الاستراتيجي , فهذا خلاف تنظيمي داخلي يتم حسمه بأدوات تنظيمية داخلية .