أوركســـتــرا أردنـيـــة

اخبار البلد-

يختلف العزف على آلة موسيقية مفردة  عن العزف ضمن مجموعة فنية منظمة  يقودها المايسترو ويدربها ويوجه حركاتها ، لتقدم عملا جماعيا لا نشاز فيه ، يتشارك في إخراجه كلّ أفراد الفرقة الموسيقية ،  وهذا ما فعله الأردنيون جميعا  عندما ضربتنا العاصفة القطبية التي تعارفنا على أنها " جنى " ،فتحولوا من العزف على الربابة إلى المشاركة الجماعية بعمل مؤسسي يرقي إلى مستوى المرحلة التي  نصطفّ فيها كلنا خلف القيادة والجيش  ، نحن نعيش زمنا آخر تآلفنا وعدنا لمعدننا الذي لا يتغير ، وهو ما كنا نراهن عليه ونحن نستعيد ذاكرة أجدادنا التي تذكرناّ بأنهم ما كانوا يباتون ليلهم  والثلج يطمر أبوابهم ، قبل أن يطعموا فقراء القرية وأيتامها وأراملها  ، روح الجماعة كانت في كلّ أريافنا وبوادينا ، تتمثل في " الفزعة " الجماعية بكلّ المناسبات ، ومنها " العونة " في الحصاد ، وفي تطيين المنازل الذي تقوم فيه نساء القرية بشكل جماعي ، استعدنا هذه الروح    بحالة مؤسسية  في إطار الدولة الوطنية بكلّ كوادرها المقتدرة المنظمة ، ونجحنا في  اختبار المواطنة بامتياز هذه المرةّ.. التزم الناس بيوتهم وتركوا للدفاع المدني والجيش والأمن العام  والدرك وطواقم  أمانة عمانّ الكبرى والبلديات أن تقوم بدورها  ، ولم يكن القطاع الخاص بمعزل عن هذه ( العونة ) الوطنية ، فتشاركت آليات المناصير والمقاولين مع نادي الدفع الرباعي الذين قدموا خدماتهم الطوعية ، وكان دور الإعلام الأردني أكثر من ممتاز ، لم تتأخر طواقم الإذاعة الرسمية والمحطات المحلية  أو التلفزيونات الرسمية والأهلية عن دورها ، وجاءوا مثل العسكر مع الفجر ليقدموا برامجهم ، ورافقت الفرق الفنية من تصوير وصوت إلى كل أنحاء الوطن الذي غطته الثلوج  ،انتقلوا من خلال المجنزرات  تماما مثل العسكر مع الفجر ، وكانوا صوت المواطن  الأردني ، وصوت الوطن العربي الذي يستضيف العرب على أرضه ، ويقدمّ لهم في مخيماتهم المؤقتة الرعاية والخدمات الصحية  وهم يتقونّ جنون العاصفة بخيامهم ، تماما كما يقدمونها لأبناء الوطن في كلّ مكان أردني ينعم بالأمن والأمان وتحرسه عين الجيش العربي الساهرة  .
 هذه التجربة الجماعية أثبتت بأن الوطن تناغم في أوركسترا جماعية جميلة ، واجتاز  جنون العاصفة القطبية  ، التزم المواطن بالتعليمات برضي ، وأدان الناس الخروج عن السرب بسلوكيات مؤسفة ، فشجبوا (التشحيط) الذي مارسه شباب عرضوا أرواحهم وأرواح غيرهم للخطر في عزّ العاصفة ، و كان " المايسترو " الذي قاد الأوركسترا الأردنية  بمهارة  يعرف معدن الأهل ،  تعرفون أيها الأردنيون ، أحبكم ، أحبكم جدا  ، وأنت يا وطن الجيش العربي، أنت وطن العرب ، وطن العقلانية والعائلة  التي يقودها  المايسترو المبدع ،  ونستطيع أن نقول باطمئنان بأننا في زمن ثقافة الأوركسترا المتناغمة بدلا عن ثقافة العزف المنفرد، وهي ثقافة المستقبل  للجماعة التي تعمل بعيدا عن الروح الفردية والأنانية .