ضريح سليمان شاه ... مسمار جحا




بقلم غالب راشد
ضريح سليمان شاه هو جيب ذو سيادة تركية يقع في بشمال سوريا على ضفة نهر الفرات قرب مدينة منبج في ريف حلب، ويبعد عن الحدود التركية شمالا أكثر من ثلاثين كيلومترا.وهو محاط كلياً بالأراضي السورية. وهو مكان دفن سليمان شاه جد عثمان الأول، مؤسس الدولة العثمانية. وكان الضريح قد وضع تحت السيطرة التركية بموجب معاهدة أنقرة التي وقعت عام 1921 بين تركيا وفرنسا دولة الانتداب على سوريا.

وفي عام 1973 تم نقله الى تلة مرتفعة شمال تل ( قرة قوزان ) شرق منبج ب30 كيلومترا
ومع سيطرة تنظيم داعش والعصابات المسلحة على المنطقة التي يقع فيها القبر، أكدت تركيا أنها ستدافع عنه، إذا تعرّض لأي اعتداء فصوّت البرلمان التركي في تشرين الأول 2014 لصالح تفويض الجيش بإجراء عمليات عسكرية ضد مسلحي تنظيم الدولة بسوريا والعراق.
ويمنح هذا القرار، وفقا للدستور التركي، قوات الجيش ضوءا أخضر لخوض عمليات عسكرية في أراضيهما وفق الحاجة، إضافة إلى السماح بنشر قوات أجنبية في الأراضي التركية.
وقدخاطب رئيس أركان الجيش الجنرال (نجدت أوزيل) الجنود الذين يحرسون الضريح، بالقول "لا تنسوا أنكم لستم وحدكم، كونوا على يقين أن قواتنا المسلحة ستكون إلى جانبكم بمجرد أن تطلبوا منها ذلك".
وليلة أمس وفي جنح الظلام يوم 21 فبراير/شباط 2015، نقلت أنقرة ضريح "سليمان شاه" إلى تركيا مؤقتا، تمهيدا لإرجاعه إلى سوريا. وأجلت بنجاح 38 جنديا تركيا كانوا يحرسون الضريح في عملية شاركت فيها 100 عربة عسكرية منها 39 دبابة و572 جنديا، وتمت عبر مركز مرشد بينار الحدودي بجنوب شرق البلاد.
وقد بررت تركيا على لسان رئيس الوزراء " أحمد داود أوغلو " عدوانها السافرا تدهور الى الوضع الأمني حول الضريح " مسمار جحا "
إنّ المتابع للحرب على سوريا لا يفوته الدور التركي الواضح والصريح في دعم العدوان على سوريا منذ بدء الأحداث منذ ما يقرب من 4 سنوات ، وقد تجلّى التآمر التركي على الدولة السورية في أشكال عديدة من فتح الحدود على مصراعيها أمام العصابات المسلحة وقطعان الإرهابيين الذين تدفّقوا من 83 بلداً إلى الدعم المباشر بالتسليح وإيواء هؤلاء الإرهابيين أمام مرأى أنظار العالم الأعمى ، والى سرقة البنى التحتية للمصانع السورية في مدينة حلب ، بل وصل الأمر بالعربدة التركية المشاركة المباشرة في قصف مواقع الجيش السوري ومساندة العصابات المسلحة العام الفائت في ريف اللاذقية وإسقاط طائرة حربية سورية ، وقد ظهر الأمر جليّا في الأيام الماضية حين قام الجيش السوري بعملية عسكرية مباغتة في ريف حلب الشمال ففتحت تركيا حدودها أمام تدفق الإرهابيين للمشاركة في المعارك وتحت إشراف ضباط من الجيش والمخابرات التركية .
إنّ العدوان السافر الذي قامت به تركيا الليلة الماضية ليس عدوانا فحسب بل هو اعتداء على دولة ذات سيادة وخرقا للقوانين الدولية من جهة أخرى ويكشف عن مدى التناغم والتنسيق بين عصابات " داعش " وبين الحكومة التركية ، هذا التنسيق الذي شاهدناه في الموصل حين اعتقل داعش 38 تركيا وتمّ الافراج عنهم لاحقاً وما حدث الليلة الماضية في منطقة يسيطر عليها هذا التنظيم الإرهابي دون أن تحدث مواجهة بين الطرفين ودون أن يعتدي داعش على الضريح طيلة الزمن الماضي وهو الذي ابهرنا في تدميره للأضرحة وتفجيره للكنائس والمساجد .
إنّ العالم مدعوّ أن يدين هذا العدوان الصارخ على أراضي دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتّحدة وعلى جميع الدول التي تدّعي محاربة الإرهاب أن تدين هذا العمل العدواني وعلى رأسها الدول العربية .
أما الحكومة السورية فهي الأخرى عليها حين تسمح الظروف والوقت المناسب أن تلغي هذه الاتفاقية ، اتفاقية " أنقرة " التي فرضت على الدولة السورية زمن الاستعمار الفرنسي الذي جعل من هذا الضريح مسمار جحا يسمح للدولة السلجوقية التدخل في شؤون سوريا بذريعة حماية الضريح ، وما عوى به " أوغلو حين أعلن أن هذا الضريح المسمار سينقل إلى أرض سورية جديدة لاحقا وكأن سوريا تحت سلطته ونفوذه . نعم يجب الغاء هذه الاتفاقية التي تنتقص من السيادة السورية على أراضيها وتلغي كل الإجراءات المتعلقة بضم لواء الاسكندرون الذي وهبته دولة الانتداب الى تركيا عام 1936 .
كما أن هذا الاستعراض العسكري التركي يجب ألاّ يثني الجيش العربي السوري عن مهمّته في تحرير مدينة حلب وريفها والقضاء على عصابات الاجرام مهما بلغت التضحيات وعظمت المؤامرات ففي تحرير " حلب " وأد للمخطط التركي الأخواني المجرم
عاشت سوريا عربية ، عصيّة على أعدائها .