الطريق إلى الجنة
روى الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي قصة حدثه بها إمام مسجد في أمستردام بهولندا ، قال : كنت و ابني ( 11 سنة ) نخرج احيانا إلى ضواحي أمستردام نوزع على الناس كتيبا باللغة الهولندية يشرح الأسلام و يعرف به بعنوان" الطريق إلى الجنة" .
في أحد الأيام كان الجو باردا و ماطرا فآثرت عدم الخروج لكن الصبي أرتدى ملابس كثيرة حتى لا يشعر بالبرد و قال لي أتأذن لي يا أبي أن أنوب عنك اليوم ؟ فأذنت له .
مشى الغلام في شوارع المدينة التي تكاد تكون خالية بسبب البرد و المطر و أخذ يوزع الكتيبات على من يلقى في الشارع ثم أخذ يتردد على أبواب المنازل حتى بقي معه كتيب واحد ، فاستدار إلى الرصيف المقابل و وقف عند باب أول منزل و ضغط على الجرس و انتظر قليلا فلم يجبه أحد ، ثم ضغط على الجرس ثانية و انتظر برهه ولم يجبه أحد أيضا ، ثم ضغط على الجرس ثالثة و انتظر قليلا ولم يجبه أحد ، فعندما همّ بالانصراف فاذا بالباب يفتح و تطل منه عجوز مسنة فقالت له تفضل يا بني ، هل استطيع ان أقدم لك خدمة ؟ ولعلها ظنت أن هذا الصبي بحاجة للإيواء من هذا البرد و المطر ، فنظر إليها الصبي الصغير بعينين متألقتين وهو يبتسم لها و قال : أنا أسف يا سيدتي إن كنت قد ازعجتك ولكن فقط أريد أن أقول لك أن الله يحبك و يعتني بك و جئت إليك كي اعطيك هذا الكتيب الذي سوف يخبرك بشيء عن الله ولماذا خلقنا .
أخذت العجوز الكتيب من الصبي و قالت له شكرا لك يا بني و انصرف .
في الاسبوع الثاني جلس والد الصبي إمام المسجد بعد صلاة الجمعة مع المصلين وهم يوجهون له بعض الأسئلة في المسائل الفقهية وهو يجيب عليها و في النهاية قال هل لديكم اسئلة أخرى ؟.
فقامت من الصفوف الخلفية سيدة عجوز و قالت : لا أحد من هذا الجمع يعرفني لأني لم آتِ إلى هنا من قبل ، و قبل الجمعة الماضية لم أكن مسلمة ولم يسبق لي أن فكرت بذلك فقد توفي زوجي منذ بضعة أشهر و تركني وحيدة في هذا العالم ، و في الجمعة الماضية كان الجو باردا و ماطرا وقد قررت أن أنتحر للخلاص من هذه الوحدة القاتلة إذ لم يبق لي أمل في الحياة ، فأحضرت حبلا و كرسيا و صعدت إلى الغرفة العلوية في البيت ثم قمت بتثبيت الحبل جيدا في احدى عوارض السقف الخشبية و قربت الكرسي و ملأني الحزن ، و فجأة سمعت رنين جرس الباب فقلت في نفسي لا أحد يعرفني ولما استمر رنين الجرس قلت في نفسي لماذا يصر علي هكذا بفتح الباب فنزلت إليه .
رأيت بالباب صبيا صغيرا عيناه تتألقان و على وجهه ابتسامة ملائكية ثم نطق بكلمات طيبة مست قلبي فعاد إلى الحياة من جديد ،أخذت الكتيب من الصبي و شكرته و انصرف .
دخلت إلى منزلي و قرأت هذا الكتيب " الطريق إلى الجنة " قرأت كل كلمة فيه و تأملتها ومن فوري صعدت إلى الأعلى و ازلت الحبل و الكرسي لأنني لن أحتاج إليهما بعد اليوم .
فرح الإمام و الصبي و الحضور جميعا بإسلام هذه العجوز و انقاذها من النارو الانتحار ومن العزلة و الوحدة ، وهكذا أصبح لهذه العجوز التي فقدت الأمل بالحياة و كانت على وشك الانتحار أصبح لها اليوم عائلة كبيرة و أحباب و اصدقاء في أحد مساجد امستردام يملؤون عليها حياتها بالحب و الحنان .
ضيف الله قبيلات