مقال الهندسة النفسية ... والتطرف !!!
كلنا يعلم ان السلبية والاحباط هي فكر سلبي مقيت يبعث في النفوس خاصة الضعيفة والهشة روح الخضوع وتبرير الفشل والوقوف دون تطور دون عطاء دون انتاج . السلبية والاحباط هي مرض نفسي يصبح اصحابه يرفضون المجتمع ويميلون الى الانطواء في الفكر والرغبة في الخروج عن المجتمع متشائمين ويشعروا انهم محتاجون لمكان آخر يستطيعون ان يمارسوا ما يرغبون به لينفسوا عما في داخلهم انتقاماً للنفس حيث يشعر ان الكل يحاربه ويضطهده ولا يريد ان يمد يد المساعدة له ليكون فردا منتجاً
اصحاب الفكر والمثقفون وحتى اصحاب السياسة المسؤولين يقولون انه يجب على الشباب ان يكونوا مجتهدين ومثابرين وصبورين ومنظمين ومنتمين لوطنهم ومجتمعهم الى آخر القائمة الطويلة من مفردات التنظير السياسي والاجتماعي والاخلاقي مفردات الجودة ولكنهم لم يقولوا كيف يمكن للانسان ان يفعل ذلك فالكل منا يؤمن ان الحياة ليست بذلك السوء الذي يتوهمه كثير من الشباب هناك من ينظر اليها من جانب واحد ليجد جبالاً من الهموم والعقد والغموم وينسى ان للحياة جوانب اخرى فيها التأمل والفرح والعطاء وعليهم ان لا يقفوا مشلولين امام التحديات والصعوبات وعليه ان يدوس على المتاعب ليستأنف المسير والانتاج حتى يعيش في نفسية متفتحة للحياة والابتعاد عن الظنون والهموم لكن هناك كثير من الجهات المتطرفة تتربص به عبر وسائل الاتصال المختلفة تتلمس وتتحسس احتياجاته ونفسيته وميوله فالاساليب الحديثة تمثل تطور كبير في الحصول على معلومات عن الشباب ويتم تخزينها وتبادلها والتعامل معها ولكل طرف قوته الفاعلة والمؤثرة في الطرف الاخر مرتبطة في كثير من العوامل اهمها الحالة النفسية والاجتماعية والفكر الخاص به وقابلية تحريفه وتغيره خاصة عندما تفشل الحكومات في محاربة الفقر والبطالة وتفشل في تحقيق التنمية الفعلية الحقيقية وتفشل في تطبيق الديمقراطية المجتمعية التوافقية التشاركية وتكون مشاريع التنمية مشاريع وهمية على ارض الواقع .
فلكل انسان طريقته الخاصة بالتفكير فاذا ما استطعت ان تعرف كيف يفكر فانك تستطيع ان تتعامل معه بكل سهولة وان ترسم وتكيف الهدف مع ما يتلائم وذلك السلوك لغايات الاستدراج وبالتالي التأثير فيه وان تزيح الستار عن اسراره لتحقيق ما تريد حيث تخاطب العقل لتذهب الى العواطف والحواس ، فهناك علم يهتم بالبرمجة اللغوية للجهاز العصبي الذي يتحكم في وظائف الجسم وادائه وفعالياته كالسلوك والتفكير والشعور وهي وسيلة التعامل مع الاخرين فهي طريقة تشكيل الصورة للعالم الخارجي في ذهن الانسان اي برمجة دماغ الانسان وعلم الهندسة النفسية الذي يتقنه كثير من الاختصاصيين والاخطر منهم من يعمل مع الجهات التنظيمية المتطرفة والارهابية تتناول تصميم التفكير والسلوك والشعور وكذلك تصميم الاهداف سواء كان ذلك للفرد او للجماعة كذلك تصميم الطرق والوسائل المؤدية والموصلة لتحقيق الهدف المطلوب فاذا كانت الهندسة النفسية تستخدم ايجابياً في مجال الصحة النفسية والجسدية كوسيلة لعلاج حالات الكآبة والتوتر النفسي وآلية التغلب على المشكلات العائلية والعاطفية والعملية والفكرية وغيرها وتستخدم كوسيلة تحفيز للعاملين والموظفين ولادارة الاجتماعات والتفاوض بعد ان يتم اكسابهم المهارات اللازمة بذلك .
اما الجانب السلبي لها فهو استغلال الهندسة النفسية من قبل متخصصي التنظيمات المتطرفة والارهابية للتعرف على شخصية الانسان من كافة الجوانب العملية والاجتماعية والفكرية من خلال ما يطرحه وتحديد الاقرب الى تفكيره وميوله وسلوكه والعوائق التي تواجهه وغيرها ليبدأ اصحاب الاختصاص منهم بإيجاد الادوات والوسائل التي من الممكن ان تحدث فيه التغير المطلوب في سلوكه وشعوره وتفكيره لتحقيق ما يصبون اليه انها عملية غسيل فكري تتم باتقان لتستقر افكارهم ومبادئهم في اعماق النفس وتصبح لغة التواصل والتفاهم والانسجام وتشكيل حالة ذهنية تتناسب مع نمط تفكير تلك الجهات المتطرفة كما حصل ويحصل مع كثير من الشباب الذين تم التغرير بهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها مستخدمين شخصيات وهمية غالبيتها من النساء الجميلات حتى اصبح هذا العلم اي الهندسة النفسية صناعة يتم تشكيل منتجاتها بكل سهولة في ظل غياب الحماية الكافية من الجهات المعنية حكومية واجتماعية واسرية ومنظمات دولية للتوعية ومراقبة هذا النوع من الاخطار ولا بد من وضع استراتيجية وطنية تتخصص بكيفية تحصين النفس .
ان الشباب في حاجة ملحة وماسة الى منهج تربوي ثقافي سياسي اجتماعي صحيح يصحح لهم عقائدهم واخلاقهم التي ربما يشوبها شيء من الانحرافات والشبهات بسبب تعدد الفروق والمذاهب المختلفة والمتناقضة وتناقض الدعوات واضطرابها في عرض تصور صحيح عن مفاهيم العقيدة الاسلامية وبيان منهج الاسلام الهاديء وذلك للخروج من الفتن الحالكة المحيطة بهم والاهواء والافكار الباطلة من حولهم والمغريات والمستغربات ومن الشهوات والشبهات وبيان سبل الوقاية من خطر الزيغ والانحراف قال تعالى " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم " المائدة .
المهندس هاشم المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com