البنوك الأردنية من الجرأة إلى التحفظ

اخبار البلد-
في وقت ما كنا ننتقد الجرأة الزائدة لدى بعض البنوك الأردنية التي تتوسع في الإقراض بأسرع من نمو الودائع لديها ، مما يضعف مركزها المالي ويجعلها أقل قدرة على مواجهة الهزات والظروف الصعبة.
  لم يعد الأمر كذلك الآن ، بل على العكس نستطيع أن نلوم البنوك على تحفظها الزائد عن اللزوم لأنها لا تتوسع في الإقراض بنسبة نمو ودائع الجمهور لديها، أي انها تفضل الاحتفاظ بسيولة عالية لمواجهة الطوارئ ولو على حساب الربحية، لكن البنوك تعتذر بأن عدم توسعها في الإقراض يعود لقلة طلاب القروض المؤهلين.
  تشير الأرقام المتاحة عن شهر تشرين الثاني من سنة 2014 إلى أن ودائع البنوك ارتفعت خلال 12 شهراً بنسبة 5ر9% أو ما يقارب 1550 مليون دينار ، في حين أن تسهيلاتها المصرفية لم ترتفع سوى بنسبة 7ر3% أو أقل من 700 مليون دينار.
  بعبارة أخرى فإن الجهاز المصرفي رفع تسهيلاته الممنوحة للعملاء بمقدار يقل عن نصف الزيادة في الودائع ، واحتفظ بالباقي كسيولة فائضة مودعة لدى البنك المركزي بسعر فائدة لا يزيد عن ربع الفائدة التي يبدي المقترضون استعدادهم لدفعها.
  لابد من الاعتراف بأن تحليل اقتصاديات الجهاز المصرفي الأردني اعتماداً على المؤشرات العامة للودائع والتسهيلات والسيولة وغيرها من أرقام الموجودات والمطلوبات قد يكون مضللاً، وقد يؤدي إلى استنتاجات خاطئة، فهناك فروق فردية هائلة بين بنك وآخر، مما يجعل  المؤشرات الكلية التي ذكرناها أعلاه مجرد متوسطات حسابية تخفي التفاوت الكبير في المعطيات والسياسات المطبقة بين بنك وآخر، وهذه حالة يراعيها البنك المركزي الذي لا ينخدع بالمتوسطات المريحة.
  تبقى ملاحظة إيجابية تلفت النظر وهي ان ودائع الجمهور بالعملات الأجنبية استمرت في التراجع ، وقد هبطت خلال 12 شهراً بنسبة 5% ، في حين أن التسهيلات بالعملات الأجنبية ارتفعت في الوقت ذاته بنسبة 4ر7% ، مما يشير إلى أن البنوك لا تريد الاحتفاظ بالدولار الذي لا يكسب أية فوائد ، لدرجة أن مركزها الصافي بالدولار سالب ، فهي تسرع إلى بيع ما تتحصل عليه من الدولارات إلى البنك المركزي.