«تنظيم الدولة» وخارطة الشرق الأوسط الجديد

إن ما قامت به جماعة ما يسمى بـ»داعش» في ليبيا يزيد الأمر وضوحا، رغم ما فيه من تعقيد.
فهذه الجماعة «الداعشية» ليست جماعة إسلامية على الإطلاق ولم تبن كما هو واضح على أي أساس ديني إنما هي عصابة إجرامية تم زرعها في الشرق الأوسط بتنسيق أمريكي غربي بات الآن مفضوحا.
أعتقد أن الأمر لو اقتصر على شمال العراق وسوريا تحديدا لبقينا على ظننا أن «داعش» جماعة متشددة تدعي الإسلام، لكنها تحيد عنه وهي أبعد ما تكون عن قيمه وأهدافه ورقيه، لكن ما حدث في ليبيا من قتل للمسيحيين المصريين الأبرياء على يد هذا التنظيم وقبله ما حدث مع الشهيد معاذ الكساسبة، جعلنا نتأكد أن هذا التنظيم ما هو إلا تنظيم إجرامي تم إعداده بدقة وتدريبه وتزويده بالأسلحة حتى الملابس «المكوية والنظيفة» التي تأتيه من جهة ما بهدف إيجاد مساحة له على الأرض بهدف إحداث الفوضى في الوطن العربي من أجل إتمام المخطط الغربي من إعادة تشكيل خارطة الوطن العربي وإيجاد دول جديدة فيه قائمة على العنصرية والطائفية والحقد الأسود من أجل إشعال المنطقة في أي لحظة يحتاج الغرب فيها إلى ذلك، وبمعنى آخر كفوهة البركان يتم تفجيرها من قبل الغرب كلما استدعى الأمر ذلك. ناهيك عن أن ما يحدث فيه إضعاف للجيوش العربية وإنهاكها حماية لـ»إسرائيل» التي تسعى جاهدة لتحقيق قيام ما تسميه «دولة يهودية» وسط دويلات طائفية وعنصرية.
لا أعتقد أن «داعش» قادرة بهذه السرعة على تشكيل فرقة لها داخل الأراضي الليبية إلا إذا كان الأمر يتعلق بعصابات خارجة عن القانون ترتدي زي الإسلام لتقوم بدورها كما هو مخطط لها من أجل جر مصر إلى حرب داخل ليبيا، وبالتالي مساندة قوات حفتر، مما يؤدي إلى تحقيق هدف الغرب بتقسيم ليبيا إلى ثلاث دول كما ورد في خرائط الشرق الأوسط الجديد التي سبق أن نشرتها صحف أمريكية كبرى، وكذلك هو الحال في العراق وسوريا، فالخرائط تشير إلى دولة كردية شمال العراق وسوريا (يتم تحضير جيشها عن طريق قوات البشمركة)، ودولة وسط العراق ووسط سوريا للسنة ودولة شيعية جنوب العراق، وإيجاد دولة أخرى على الساحل السوري لها صبغة طائفية.
لكن هل معنى هذا أن يقف العرب كمتفرجين على ما يحدث ولا يقاتلون «داعش»؟ اعتقد أن الجواب بديهيا انه لا يمكن السكوت على هذا التنظيم الإرهابي وعلى هذه العصابة، وبالتالي ما يحدث ما هو إلا استدراج غربي للعرب لخوض الحرب لأنه لا مناص من مقاتلة هؤلاء الإرهابيين لان عدم قتالهم يزيدهم عبثا في أمن المنطقة وقتالهم يحقق للغرب أهدافه، فما العمل؟
لذا من المهم بمكان توحيد الجهود العربية والوقوف صفا واحدا باتجاهين: الأول: على كل دولة عربية تمتين جبهتها الداخلية وتوحيد الصفوف لمواجهة خطر الإرهاب يدا واحدة وعدم تصديق الغرب ولا الانجرار خلف أهدافه المبهمة أو المغيبة عنا ووضع خطة عربية مشتركة لمواجهة الإرهاب بأجندة عربية واحدة، ثانيا: نشر قوات عربية داخل الأراضي العربية تحت مظلة الجامعة العربية لضمان أمن كافة الدول المتعرضة لخطر «داعش» وعدم الانسياق وراء الفتنة التي يحاول «الداعشيون» بثها بين الناس لتفريقهم.
وعلينا ألا ننسى أن أمريكا والغرب أوقعوا بالعراق سابقا وتركوه يدخل الكويت من أجل تنفيذ أجندتهم فمزقوا جيشه ومزقوا الدولة، وهاهم يفعلون ذلك الآن بالجملة في العراق مجددا وسوريا وليبيا ولبنان ومصر واليمن، فلنكن كعرب على حذر. فالغرب يضمر لنا السوء.. والتاريخ يشهد.