توصيات مالية النواب

توصيات اللجنة المالية لمجلس النواب للحكومة في خلاصة دراستها للموازنة ليست ملزمة , فدور المجلس هو الرقابة والحكومة هي الجهة التنفيذية بحكم مبدأ الفصل بين السلطات.

تستطيع الحكومة أن تأخذ بتوصيات اللجنة المالية وتستطيع الاستئناس بها وقد تهملها تماما , مع أن الحكومات المتعاقبة اعتادت على الالتزام ببعضها لا وبل كانت تضمن دلائل التزامها بهذه التوصيات في خطب الموازنة السنوية , حتى أصبحت معيارا تحاسب عليه من قبل النواب والنخب والشارع في كثير من الأحيان.
اقتضى التنويه فيما سبق , ليس لأن دور مجلس النواب في مناقشة الموازنة يقتصر فقط على المصادقة عليها أو رفضها أو اقتراح تخفيض نفقاتها وليس زيادتها فحسب بل لأن الحكومة كسلطة تنفيذية هي المسؤولة عن وضعها وتنفيذها وتحمل تبعات الخطأ إن وقع والابتهاج بعلامات النجاح إن حصلت.
لفت الانتباه ثلاث توصيات تحديدا في تقرير مالية النواب وهو بالمناسبة تقرير جاء استمرارا لتقارير سابقة , وهو لا يعيب اللجنة فتحديات العجز والانفاق لم تتغير كما تحديات السياستين المالية والاقتصادية اللتين تعكسهما أرقام الموازنة باعتبارها خطة الحكومة المالية عن سنة كاملة.
من بين التوصيات مطالبة الحكومة إعداد خطة تنفيذية خلال هذا العام 2015 لسداد الدين الداخلي والخارجي وتقديمها الى مجلس النواب وتضمينها الى الخطة العشرية وهي توصية معمول بها فعلا , فوزارة المالية لديها برنامج زمني لتسديد المديونية داخلية كانت أم خارجية , وللحقيقة أن الجزء الأكبر من بناء ثقة الدائنين والمانحين للأردن إنما يعود الى كفاءة السداد والالتزام بمواعيده المحددة دون أي تأخير.
تكرر اللجنة المالية توصية قديمة جديدة وهي إصلاح الدعم الحكومي ليكون للمواطن وليس للسلعة لكنها تعود لتناقض توصيتها بتحفظها على تعرفة الكهرباء والمياه.
أما بالنسبة لوضع برنامج تنفيذي لخطة التصحيح المالي والاقتصادي، فالخطة موجودة أصلا وهي متفق عليها مع صندوق النقد ويجري العمل على تمديدها لسنوات ثلاث إضافية بطلب من الحكومة , لكن ما هو غير واقعي أن تطلب اللجنة أن تكون هذه الخطة منسجمة مع مخرجات خطة عشرية يفترض أنها رؤية للاقتصاد الوطني في ظل أوضاع إقتصادية وسياسية متقلبة , هل كان من المفترض استبدال ذلك بخطة طوارئ إقتصادية مثلا الى جانب برنامج التصحيح ؟..
أخيرا تعود اللجنة المالية الى توصية سابقة بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة اوضاع الشركات المتعثرة منها، وايجاد الحلول لحفزها على إعادة نشاطها إما من خلال حوافز ضريبية مؤقتة او قروض ميسرة بفائدة متدنية، وقد فات اللجنة للمرة الثالثة أن تعثر الشركات هو محصلة لسوء الإدارات التي تجاهلت التصدي للاختلالات أولا بأول أو تمادت في الخطأ لكن الأهم كان في تجاوز هيكلة كانت مطلوبة.
كان يجدر باللجنة التي تنضم الى أصحاب المصالح بالمطالبة بإنقاذ الشركات أن تطالب باعادة تقييم موجودات لتحديد القيمة الحقيقية والعادلة لأصولها التي كان تضخيمها أحد أهم أسباب تعثرها قبل أن تستحق دعمها بمال قد لا يساوي قيم أصولها التي تلاشت.