زمزم تمزق الجماعة.. والسؤال «هلأ لوين»


 

ما يحدث اليوم داخل جماعة الإخوان المسلمين بعد التسريبات بفصل مجموعة من القيادات التي طالبت بإصلاح الجماعة، وعدد من قيادات مبادرة زمزم، أمراً كان متوقعاً بالنسبة لي من زمن، وهو ما كتبته في عدة مقالات سابقة، بعضها يرجع إلى شهر كانون الثاني من عام 2012، حيث نشر مقال لي في تاريخ 11/ 12/ 2012 بعنوان (زمزم) عربة جديدة لطموحات أصحابها تشقق أرض الإخوان.
في ذلك المقال كتبت: « الاختبار الذي تواجهه الحركة الإسلامية في الأردن في هذه المرحلة بعد صدور ما يسمى بوثيقة زمزم والتفاعل العام الذي جرى مع هذه الوثيقة، وتعامل الحكومة مع المجموعة التي تبنت الوثيقة من الإخوان عبر دعوتهم لإلقاء تصوراتهم حول الحكومات البرلمانية ومستقبل الأردن السياسي خصوصاً وأن الحركة يجب أن تتعامل بذكاء لحل الاشتباكات والخلافات بين القيادات كي تقدر الحركة الإسلامية على القيام بالالتفاف المطلوب لإبقاء الحركة موحدة».
وأشرت إلى أن « تأخر الجماعة في الدخول في مرحلة (المراجعات) الضرورية لتقييم مسارها وقوتها، من دون مبالغات، أفقدت الإسلاميين قدرتهم على الحركة.»
وفي مقال سبقه بأسبوع عنونته بـ(زمزم) خط المواجهة بين الإخوان والإخوان كتبت «مبادرة زمزم التي أطلقتها مجموعة من قيادات الإخوان المسلمين التي تم إقصاؤها عن المقاعد الأولى في جماعة الإخوان المسلمين عبر انتخابات داخلية تظهر بوضوح حجم الهوة الفاصلة بين التكتلات داخل الجماعة، فقد تحولت هذه المبادرة من مبادرة (وطنية) كما يحب مطلقوها الإشارة إليها إلى خطة مواجهة ونيران بين أطراف متجاذبة داخل الجماعة».
وقلت حينها أن «محاولة مجموعة زمزم بإعطاء انطباع بأنهم ما زالوا ضمن البيت الإخواني وأن التنظيم الإخواني أضيق من الفكر الإخواني نفسه، تدخل في باب التحضير للمعركة القادمة بعد أن ظهرت بوادر الانقسام، خصوصاً وان قيادات إخوانية نافذة رأت بمبادرة زمزم محاولة للهجوم على الكيان الإخواني ومحاولة إضعاف الجماعة عبر إنقلاب من الداخل، ولكن تأجيل المعركة الكبرى بين الطرفين ترجع لأسباب بديهية وهي قياس كل طرف لقوة خصمه، فالجماعة تريد معرفة المدى الذي وصلت إليه مجموعة زمزم ,داخل التنظيم وقدرتهم على التحشيد من داخل الإخوان، وكذلك قدرة وثيقة زمزم على الصمود في حضن خارج الحضن الإخواني، وعلى الطرف الآخرتحاول مجموعة زمزم ’, معرفة مدى المفاجأة والتوتر الذي أحدثته الوثيقة، وبالتالي توقع السلوك من قبل الجماعة والقيادات، ويريدون التأكد من أن الوثيقة قادرة على الحياة خارج رحم الجماعة، ومدى إمكانية التعاطي معها رسمياً كبديل عن الطرح الإخواني.»
وفي 10/ 12/ 2013 نشرت مقالاً بعنوان (زمزم والإخوان الفصل الأول)، وكان بعد قرار الجماعة تحويل قيادات زمزم للمحاكمة الداخلية، وكتبت حينها « ويبقى السؤال المهم الذي يُنتظر أن تجيبه الأيام القادمة وهو هل درس الإخوان المسلمون الاهتزازات الارتدادية التي يمكن أن تحدث في حال تعرضت قيادات (زمزم) لعقوبات من محكمة الجماعة، وما الذي سينتج عن خروج هذه القيادات من الجماعة ووقوفها على الطرف الآخر من المشهد بما لها من ثقل بين شباب الإخوان، وبعض الفئات القريبة من الإخوان في بعض التوزيعات المناطقية؟»
ذهبت إلى أن «المعركة بين الطرفين لم تبدأ بعد، فدعونا نتابع الفيلم من البداية، فالتشويق قادم، وأمتع قصص السياسة تظهر حين يتم الانفصال بين حلفاء تاريخيين أو يقوم تنظيم بفصل قياداته، لأنه حينها فقط تستطيع الحصول على معلومات وعلى قصص حقيقية، وعلى دلائل وإثباتات.»
ما يحد في الجماعة اليوم يشير إلى ضرورة التفات العصبة الحاكمة فيها إلى مجموعة من القضايا، منها ضرورة فك الارتباط بين الدعوي والسياسي، فلا هم ظلوا جماعة دعوية، ولا هم صاروا حزباً سياسياً، وهو ما أوقع الجماعة وأنصارها في العديد من المطبات، كما عليهم أيضاً أن يقوموا بمراجعات جادة ومؤلمة، تساعد على تحريك المياه الراكدة والوصول إلى الإصلاح المطلوب، فالجمود الذي يلف الجماعة اليوم يشير إلى قابليتها للكسر، وهم أدرى بالمثل الذي يقول (لا تكن قاسياً فتكسر ولا ليناً فتعصر).
يجب أن ينتاب الجماعة اليوم قلقاً حقيقياً على مصيرها ومستقبلها، فالشباب داخل الجماعة ليسوا مجتمعين كما يحلو لبعض القيادات تصوير المشهد، وكل تأخير سيزيد اشتعال كرة النار في حضن الجماعة، فهل تبقّى حكماء لمداواة الجراح والقيام بالعمليات الموجعة ولكنها الضرورية في ذات الوقت؟
الأيام القليلة ستقدم لنا الإجابة، رغم أني أتوقعها مقدماً، آملاً أن يخالف الواقع توقعاتي هذه المرة.