صحافيو الكراهية والحروب الأهلية
تأثر بعض الإعلاميين والنخب عندنا في الأردن بما يجري في الإعلام المصري من مبالغات وروايات لا تتوافق مع العقل والمنطق وأكاذيب وقصص ملفقة، وصل حدودا خطرة وتجاوز حدودا كانت في السابق من الخطوط الحمراء.
ولو سألت أي إعلامي محايد، أو هيئات أو مؤسسات أو مراكز متخصصة بالإعلام فإنها ستتفق جميعها على أن الإعلام المصري بعد سيطرة العسكر على الحكم قد انزلق إلى الدرك الأسفل من الإسفاف والضعف المهني والغياب الكامل للمصداقية وللمهنية.
بل إن هذا الإعلام تحول إلى أداة قمع للحريات، وبوق يدعو إلى القتل ويشجع على الكراهية وإقصاء الآخر، كما أنه يضيق الخناق على أي وجهة نظر لا تتوافق مع مصالح الحكم، ومع مصالح القائمين على وسائل الإعلام من فضائيات أو صحف.
وتمادى هذه الإعلام في الإسفاف والإسفاف بعقول الناس إلى حد نسب كل ما يحدث في مصر إلى جماعة الإخوان المسلمين، وصل الأمر إلى اتهام «الإخوان» بكل ما تشهده مصر حاليا سواء كان ذلك حادثا مرويا، أو جريمة قتل، أو كارثة طبيعية أو عاصفة رملية أو منخفضا جويا، أو عنفا وشغبا في مباراة كرة قدم.
وتمادى هذه الإعلام في صناعة الحكايات والخرافات إلى حد وصف القيادة الحالية في مصر بصفات تجاوزت صفات البشر، ودخلت في بعض جوانبها بوضع هذه القيادة في مقام أعلى بقليل من الأنبياء والصالحين والفاتحين. ولم يتبق في هذا الجانب سوى الإدعاء بأن كتابا سماويا نزل على هذه القيادة في ليلة ظلماء.
وبدلا من أن يسعى هذا الإعلام إلى إعادة الهدوء والأمن والاستقرار للبلاد، وبدلا من أن يشجع على الوحدة الوطنية، وتقريب وجهات النظر، والدعوة إلى المصالحة التاريخية وطرح مبادرات خلاقة، فإنه يدفع باتجاه التآزيم وتعميق الخلافات ودفع مكونات المجتمع المصري إلى الصدام وإلى الحرب الأهلية.
الإعلام في مصر مستفز ومزعج ومنفلت بلا فيود أو محظورات أو خطوط حمراء، ونخشى أن يواصل بعض الإعلاميين عندنا اندفاعهم في كراهية «الإخوان» وترسيخ حالة من التشرذم والانقسام والانفلات الداخلي، وتغيب للعقل وللحوار ودفع مكونات المجتمع إلى حدود مقلقة ومستفزة من الكراهية، وعلى نقابة الصحفيين أن تشكل لجنة لهذه الغاية لمراقبة الصحفيين والإعلاميين الذين يخرجون عن المهنية وأخلاقيات المهنة.