حرية التعبير يا رئيسة وزراء الدنمارك
لعل رئيسة وزراء الدنمارك أصابت كبد الحقيقة حين افتتحت تصريحاتها بشأن الهجومين اللذين تعرضت لهما بلادها بأن المعركة ليست بين الإسلام والغرب، وإن كان الشق الثاني من قولها مدعاة إلى جدال خصوصا حين أكملت: وإنما بين الحرية والظلامية.
لا نريد أن نجادل بأن لا معركة بين الجهتين، وأن العلاقة بين الاسلام والغرب ينبغي أن تقام على أسس نص عليها الدين الحنيف، وجوهر الديانات السماوية، بل إننا نتفق أيضاً على ضرورة الحرية، وإن كنا نطالب بتحديدها، فمن الحرية احترام الأديان السماوية، وأول مبدأ بها: تنتهي حريتك حين تبدأ حرية الآخرين.
ولعله من الضروي التأكيد على ما قاله وزير خارجية فنلندا آركي توامي اويا: عندما نسخر من السود نتهم بالعنصرية، وعندما نسخر من اليهود نتهم بمعاداة السامية، وعندما نسخر من النساء نتهم بالشوفينية. أما عندما نسخر من الإسلام فهي حرية تعبير.
تكمن الإشكالية مع الدنمارك في أنها كانت البلد الأول الذي نشرت فيه رسوم مسيئة، وحين علا صوت الرفض والاحتجاجات على هذه «الجريمة»، تذرعت الحكومة الدنماركية بحرية التعبير، وأن لا سطوة لها على الصحافة، وجر ذلك الكثير من الويلات.. وهي الحكومة التي تجرم أي إساءة ضد «السامية»؛ فما ضرها لو كانت شرعت قانونا يجرم الإساءة الى الدين الإسلامي او الأديان السماوية؟
والموقف من الدنمارك لا يخص الجماعات الاسلامية المتطرفة وحدها وإنما المسلمين المعتدلين ايضا.. إذا جاز التعبير، فما جرى استهدف نبيهم عليه أكرم الصلاة والسلام.
لعل قرارا كهذا كان يمكن أن يجنبها عداء المسلمين وموقفهم منها. مع التأكيد على الرفض التام لكل أشكال العنف وإدانته.
هل نشهد موقفاً كهذا.. يجري فيه تحكيم العقل واعتماد أسس لحرية التعبير تقوم به الدنمارك بنزع فتيل أي أزمة لها مع المسلمين حاضرا ومستقبلا، أم تتمسك بأن حرية التعبير»المعتمدة» فوق كل شيء، وبالقول إنها لا ترضخ للأرهابيين، وتتغاضى عن أن أزمتها أصلا «حرية تعبير». وتكون البادئة مثلما كانت البادئة من قبل.