فساد بقدر الشفافية
رئيس الحكومة يقرر تصعيد المعركة ضد الفساد وليس معلوما بعد من الذي يحقق انتصارات على الآخر حتى الآن، او أن هزيمة من نوع ما تنتظر طرفا، او ان بالامكان إعلانها حربا لا هوادة فيها، وتوجيه الاسلحة الحكومية نحو الفساد الكبير، طالما ان مستشفى الزرقاء الحكومي الذي لم يمض على افتتاحه من قبل الملك سوى بضعة ايام، والمعلومات عنه تشير الى ان عيوبا من شتى الانواع تكشفت به، وان المصعد معطل ايضا رغم الكلفة التي وصلت الى ثمانين مليون دينار.
التقارير تتحدث عن مئات القضايا التي نظرتها هيئة مكافحة الفساد، غير ان واحدة منها لم تثر الاهتمام باعتبار حجمها، وكون المتورطين فيها ليسوا من المناصب العليا او نافذين مشهورين، ولان الانتظار دائما لاعلان عن متورطين من الكبار، رغم ان الحالات التي كشف فيها عن بعضهم سرعان ما تغيب ولا تعرف نهاياتها. ولان الفساد متعدد الاشكال والانواع، والانتصار او القضاء عليه يكاد يكون مستحيلا، ولان الامر كذلك فعلا فانه يكون منطقيا أكثر إعلان تقنينه فقط.
في وقت مضى كان الفساد حكوميا فقط، وهو اليوم في القطاعات كافة، وهناك مئات الدراسات عنه التي تبحث في اسبابه وكيفية القضاء عليه، غير انها جميعا لم تفلح في منعه من الانتشار والاتساع اكثر. والفساد بات من الصفات الضرورية للدول الفقيرة والمتخلفة وذات الانظمة البالية حتى الحرص منها عليه وحمايته، وليس غائبا عن الذهن ان كبار الاغنياء فيها لا بد وان يكونوا من دائرة الحكم، والذين ليسوا منها يحظون برعايتهم، وان قائمة الاغنى بالعالم تضم دائما زعماء منها، وانه كلما مات احدهم يعلن عن حجم ثروته وتكون بالمليارات دائما.
المشكلة ليست في تصعيد المعركة الحكومية ضد الفساد او حتى إعلان الحرب عليه، والقصة برمتها اخلاقية سياسية واجتماعية. ولسوف يكون اشد فتكا إن تحول للانتقال بالعدوى، فعندها سينال من الناس جميعا ويحولهم الى فاسدين، والافضل بدلا من ذلك ان يستمر بالتوريث فلعله يأتي يوما تنتهي فيه سلالة هؤلاء.