اللهيب

اللهيب
والفرق بين Charlie Hebdo وChapel Hill
لا شك ان الحرائق المشتعلة على امتداد عالمنا العربي هي نتاج تراكمات لعشرات من السنين خلت تُوِّجت بعوامل رئيسة اهمها التخطيط الصهيوني الغربي المعادي للعرب والمسلمين وثم ضعف الزعماء واخيرا جهل الشعوب وعدم ثقافتها الواسعة وقد اوجدت تلك العوامل بيئة عربية خصبة بالفساد والمحسوبيّة والشلليّة وتكميم الحريّات وانتشار الكذب والتضليل والشعارات الجوفاء اي ان حياة الشعوب كانت وما زالت تخلوا من الديموقراطيّة والحريّة والحياة الأفضل .
الى ان شعر اصحاب المخطّطات وخاصّة الصهاينة والأمريكان ان جهل الشعوب العربيّة وفقرهم واستبداد زعمائهم اصبح خطرا على ثقافة شعوبهم وعلى ديمومة الكيان الصهيوني وتزعمّه لمنطقة الشرق الأوسط فأوجدوا او استغلّوا النار التي احرقت محمد البوعزيزي التونسي في ولاية سيدي بو زيد ونجحوا في تطيير شرارها شرقا وغربا بل واحرق لهيب شرارها الكثير من مقدرات العرب ومواطنيهم وزعماؤهم فطارت رؤوس كانت اينعت فسادا وحان قطافها لأنها اوغلت فسادا في قواميس الصهاينة والغرب والشعوب المقهورة واختلطت مفاهيم الثورة والإصلاح والإستبداد والمقاومة والممانعة والتطرّف وكادت بعض الحدود بينها وعلى الأرض ان تطير تحت محاولة تموضعها ثانية .
وهكذا اختلط الحابل بالنابل مما اثلج صدور الأعداء وتأكّدوا من قرب وصولهم لمبتغاهم فالأمريكان والأوروبيّون ضمنوا المحافظة على الكيان الصهيوني وسبل وصول ما تبقّى من نفط العرب لشواطئهم بعد ان اصبحت امريكا دولة مصدِّرة له , والصهاينة ضمنوا حدودا آمنة لكيانهم من كل الجوانب وضمنوا إنهاك القوى العسكريّة الرئيسة في كل من سوريا والعراق وحيادها في مصر وكذلك ضمنت اسرائيل موافقة دول كثيرة لإتفاقيّة سلام متوقّعة حسب رؤيتها مع الجانب العربي بعد تطويع الفلسطينيّون في الأرض المحتلّة والشتات وانقسام صفوفهم كما تكون قد ضمنت تثبيت يهوديّة الدولة وتهويد الأماكن المقدّسة كما تريد تمهيدا لبناء هيكلهم المزعوم والذي بدأ منذ لهيب حريق منبر صلاح الدين عام 1968 وما بعده من اختراقات وإغلاقات ومنع وقيود على المصلّين وحواجز وجدران عزل عنصري ...........
واشتعل لهيب الإنتقام في الصدور العربيّة المقهورة والتي كانت تكبت حبها للإنتقام من اسيادها المزمنين لأعوام طويلة وهي تراهم ينهبون خيرات الأوطان وثرواتها بينما هي تصفّق وتفتديها بالمهج والأرواح وكأنها شعرت ان ساعة الإنتقام قد دنت وان ساعة الفرج قد اقتربت فتهاوى الأصنام وهربوا وبقي الوطن على حاله ولكن الثورة لم تكتمل فقد سرقها آخرون كانوا بالمرصاد متأهبّين لينقضّوا على السلطة ولكنّ الغرب له بدائل وهي جاهزة كذلك وتدعمها سلطة الإعلام والمال من الغرب الذي ينهب بيده اليمنى خيرات الأوطان ويعطي جزءا منها لعملائه في تلك الأوطان وتبقى الدائرة تدور والخاسر الأكبر الوطن والمواطن العربي ويبقى اللهيب مستعرا في الصدور .
ولو اخذنا اللهيب اليمني واللهيب الليبي اللذين ابتدءا بالإشتعال مبكِّرا ولم يطفئا حتى الآن بل لا يوجد لهما نهاية منظورة قريبا وكلاهما يبدوا انه شبه تقسّم وان الحكّام الجدد لتلك الأقسام من نوع جديد يتماشى مع العولمة والتكنولوجيا الغربيّة ويبتعد عن الوحدة ويميل للتوحّد والعزلة .
وهكذا كان اللهيب في العراق ولبنان وتونس وسوريا والسودان ومصر فكل بلاد العرب اوطاني من ابو زيد حتى الليطاني .
وامتد اللهيب ليصيب العرب والمسلمون كإرهابيّين حسب المنظور الغربي في مجلّة شارلي ابيدو الفرنسيّة في باريس حيث هبّ زعماء العالم عربا وعجما وصهاينة ليشاركوا في اكبر مسيرة استنكار للإرهاب حسب رؤيتهم وخرجت نفس المجلّة بعد اقل من اسبوع ولتنشر خمسة ملايين نسخة تسيئ الى رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وهو نفس السبب الذي أدّى لوقوع مجزرة باريس الإرهابيّة ولم يحضر الرئيس الأمريكي تلك المسيرة ولكن انقلبت الموازين عندما قام ملحد امريكي بقتل ثلاثة مسلمين في شابل هيل في ولاية كارولاينا الشماليّة في امريكا بسبب حقده الأعمى على المسلمين ولكن لم يتحرّك احد عربا كانوا ام عجما أم صهاينة حتّى قام العرب في امريكا بالتظاهر والتهديد بالتصعيد إذا لم يتم التحقيق في المجزرة وهنا تدخلت المحكمة الآمريكية وفتحت تحقيقا لا نعرف كم ستطول مدّته ولا ندري أيّ لهيب سينتج عنه ومن سيطول ذاك اللهيب الذي حرق مبدئيّا المركز الإسلامي في هيوستن.
والفرق بين شارلي وشابل يعبِّر عن الفرق بين قيمة الإنسان المسلم وخاصّة العربي والإنسان الغربي وفي الواقع هو دليل على الفرق بين الواقع العربي الضعيف والواقع الغربي القوي .....
اللهم احفظ الأردن ارضا وشعبا وقيادة عزيزا كريما بعيدا عن كل شر وارحم الشهيد النقيب الطيّار معاذ واسكنه عليّين واحرق قتلته بنار جهنّم انّك على كل شيئ قدير.
احمد محمود سعيد
14 / 2 /2015