نحو تقليص خسائر عواصف الثلوج...
تراوحت تقديرات الاقتصاديين لتكاليف التعامل مع العاصفة الثلجية الماضية ( هدى) البعض قدرها بعشرات الملايين من الدنانير، والبعض الآخر قدرها بمئات الملايين، وتم اعتماد معايير قياس معظمها مقبولة، فالخسائر والكلف الإضافية تقدر إما بالإنفاق المباشر لفتح الطرق وإدامة ايصال التيار الكهربائي وتوفير السلع والخدمات لعامة الناس، او خسارة الناتج المحلي الإجمالي جراء تعطل جزئي لمرافق الانتاج والخدمات الحكومية والخاصة، وكلا الجانبين محق، يضاف اليهما الفرص الضائعة، والسؤال الذي يطرح: ما السبل المتاحة لتقليص هذه الخسائر والتعامل بنوع من الإبداع مع الأحوال الجوية في البلاد؟
دول الشمال في اوروبا وكندا وروسيا وامريكا تعاني سنويا فترات طويلة من الثلوج والامطار والعواصف، ومع ذلك تستمر المصانع والمؤسسات العامة والخاصة في تصريف اعمالها، بينما تقوم البلديات والمؤسسات العامة المعنية بفتح الطرق وتقدم الخدمات الطارئة لمن يحتاجها، اما في الاردن فيتم استنفار كافة المؤسسات بدءا بتعطيل اعمالها وتوجيه جهودها لفتح الطرقات والشوارع وازالة الثلوج، ويتهافت عامة الناس لتخزين السلع المختلفة وكأن الثلوج ستستمر اسابيع في البلاد!!
العاصفة الماضية لم تكن بالشدة التي توقعها الجميع، حيث انشغلت وسائل الاعلام ومعظم اجهزة الدولة ومؤسساتها في العاصفة الثلجية، التي مضت بسلام، والأمر الذي يسجل اننا عطلنا المصانع والمؤسسات لحماية المواطنين تلافيا لما حصل في العاصفة «ألكسا» أواخر العام 2013، وهنا يمكن تسجيل دروس مهمة للتعامل مع العواصف الثلجية والصقيع بحيث نخفف الخسائر ونديم العمل في مرافق الانتاج السلعي والخدمي.
تحويل العواصف الثلجية الى اجازات مفتوحة والتركيز على الاطعمة شكل من اشكال الهدر، لاسيما أن القسم الاكبر من مناطق المملكة لا تتساقط عليها الثلوج، وبالتالي يفترض ان تستمر الاعمال فيها كالمعتاد، اما المناطق التي تعاني من الثلوج فيمكن قبول تعطيل العمل فيها لفترة بسيطة، ثم العودة الى العمل كالمعتاد، وإن ترشيد الاستهلاك من الطاقة والسلع الغذائية امر مستحب للمساهمة بإدامة توصيل الخدمات لكافة المواطنين، اما اولئك الذين يبالغون في تلبية احتياجاتهم من السلع والخدمات في مقدمتها الطاقة الكهربائية والوقود والاغذية فيساهمون بتأزيم الاوضاع.
مواسم الامطار والثلوج ينتظرها الجميع لتعزيز المخزون المائي، وتحسن المحصول الزراعي خاصة الخضار والحبوب والثمار الصيفية، وعلينا الاستبشار بهذه المياه والثلوج واعتبارها نعمة لا نقمة، وان التحوط والاستعداد المعتدل مطلوب، والتركيز على استمرار الانشطة بعيدا عن التذمر ورفع الاصوات عاليا في حال تأخر خدمة معينة لمنطقة من المناطق، فالاردن بشركاته ومؤسساته اصبح لديها خبرة جيدة للتعامل مع الاحوال الجوية لتلافي أية سلبيات.