والدة الكساسبة تغلق الهاتف في وجه الأبراشي وأخوه يشبهه بصدام
بعض السبق الصحافي أحياناً لا يفيد، وبلا معنى، مثاله استضافة المذيع وائل الأبراشي (في برنامج «العاشرة مساء» على قناة «دريم») لوالدة الطيار الأردني معاذ الكساسبة المقتول على يد «داعش» في مشهد وصورة للتاريخ. ماذا يريد برنامج تلفزيوني أن يسمع من والدة قتل ولدها للتو غير أن يبرز مشاعرها للجمهور، هل من موقف، معلومة، رأي؟ وكل كلام في موقف مثل هذا لن يؤخذ على محمل الجد، تماماً مثل اتهامات الأب لطيران الإمارات بقصف طائرة معاذ الذي جرى التنصل منه على أنه ليس سوى فورة غضب وحزن لأب مكلوم.
قالت الأم الثكلى للأبراشي على الهاتف، ومنذ عبارته الأولى عن «اشتعال النار في جسد معاذ»: «أرجوك، لا تُعِد هذه العبارة أمامي ثانيةً». فهمنا، نحن المشاهدين، الرسالة؛ لا يمكن للأم أن تكون قد شاهدت مشاهد حرق ابنها، كما لا يمكن لها أن تتحمل حتى سماع عبارة «اشتعال النار..». العبارة بحد ذاتها ضرب من التنكيل.
لكن الأبراشي لا يفهم، راح يعيد ويسأل، كما لو أنه يحضّر تعويذة: «كيف حجبتِ نفسك عن مشاهدة اشتعال النار في..»؟! غضبت الأم، ألقت بسماعة الهاتف «قلت لك ألا تعيد العبارة على مسمعي»!
التقط شقيق معاذ السماعة، اعتذر بالنيابة عن الأم، ودعا إلى تقدير وضعها. غير أن الأبراشي استمر في «تعويذته» بطريقة أو بأخرى، قال: أعتذر للمشاهدين، للعائلة، للأم على أنني كررت عبارة «…».
ومن فرط ما كرر الأبراشي كدنا يغمى علينا فعلاً. خصوصاً حين راح يمنّ علينا بأنه فضّل ألا يعرض مشاهد «اشتعال النار في..» أدركنا حقاً أن بعض الكلام أوجع من ألف صورة، وأن بعض الإعلام أوجع من «داعش».
مثل صدام حسين
في الحلقة ذاتها من «العاشرة مساءً» تحدث شقيق الكساسبة متماسكاً ومتجاوزاً آلام الفقد، فخوراً بشقيقه الذي أراد له «داعش» أن يبدو ذليلاً في ظهوره بعد أن جرى تجويعه خمسة أيام قبل الإعدام، حسب الأخ الذي نقل بدوره عن معلومة استخبارية، كما قال.
وصف الأخ مشية معاذ، وقال «لم يشبّهه أحد إلا باستشهاد الرئيس صدام حسين».
يا رجل! صدام! قل بالله عليك أي فرق لصدام مع «داعش»؟ حسنٌ، يبدو أن ليس علينا الاسترسال هنا، الموقف موت، ويبدو أن علينا أن نحسب الكلام في عداد فورة الغضب والحزن وما شابه.