هذا هو جيشنا..

كما الفرسان في خيالات الصبايا، تعودون إلى سماء الوطن، وقد أوغرتم صدور الأعداء بـ "هداياكم" التي أردتموها تذكارا لشهيدنا الحبيب..
تلك كانت لحظة عودة صقور طائرات سلاحنا الجوي الخميس الماضي من مهمتهم العسكرية لقصف التنظيم الإجرامي الإرهابي "داعش"؛ حلقوا بفخر واعتزاز في سماء الوطن. أصوات هدير الطائرات تعلن بدء اﻷخذ بثأر شهيدنا البطل معاذ الكساسبة.
إنه الشعور بالفخر والقوة؛ حماة الديار يحلقون فوق رؤوسنا مؤكدين أننا في أمان، وأنهم لن يتركوا أحدا يعبث بوطننا.
رغم الألم الذي يعتصرنا على شهيد الحق والواجب، إلا أن بهجة خفية اجتاحتنا ونحن نراقبهم. فرح زرعه صقور الوطن، وكأنما يقولون "لا تحزن يا معاذ. نم قرير العين، وارقد بسلام، فنحن سنأخذ حقك، ولن نجعل دمك يضيع هباء".
أصدقاء معاذ جابوا سماء الوطن ومسقط رأس الشهيد في الكرك الأبية، يوجهون التحية لروحه الطاهرة ويطمئنون عائلته المكلومة، بأنهم كلهم معاذ.
حين حلقت طائراتهم في سماء عمان، كانوا يريدون أن يخففوا قليلا من أوجاعنا على فقيد الوطن والأمة، ويقولون لنا: لديكم نسور لا ترتضي أقل من الكرامة والعزة والفخر.
هم نسور سلاح الجو الأردني الأبطال، يخاطرون بحياتهم من أجل حمايتنا، ورفع الأذى عنا، يشفون صدورنا.
أفراد قواتنا المسلحة الأردنية الذين نفخر بهم دائما، هم ملاذنا حين نبحث عن الأمن والأمان. تنام أعيننا وتبقى أعينهم مفتوحة لا تنام. يحمون وطننا وحدوده، ويحافظون على الهوية الوطنية.
جيشنا العربي له قدسيته في وجداننا، نعتمد عليه في كل الظروف العادية والاستثنائية، فهو رهن اللحظة للتضحية من أجلنا واضفاء السلام والسكينة في وجداننا. يدافع عن قضايا أمتنا، علاوة على دوره الإنساني الذي لا يتوقف على الصعيد الإقليمي والعالمي، يناضل ويكافح من أجل قيمه التي أقسم عليها رجالاته.
معظم بيوت الأردنيين لا تخلو من أحد منتسبي الجيش. ندرك حجم الضغط والمسؤولية الملقاة عليهم من أجل تأمين الحماية والراحة لنا، في وقت تقصف أنظمة شعوبها، وتخاف دول من صوت طائرات ودبابات وقوات جيشها.
بينما نحن في بيوتنا نتنسم الدفء والأمان، فهنالك جيش من ضباط وحرس وجنود يقفون في الصحراء والعراء، يحمون حدودنا، يحملون السلاح على أكتافهم والوطن في عيونهم، وينتفضون لأجل كرامة أي أردني.
يحلم كثيرون من أفراد هذا الوطن أن يخدموا في هذا الجيش الباسل، ويكونوا من منتسبيه، فالخدمة في صفوفه شرف ليس يساويه شرف، إذ يكفيه أنه جيش ينتصر للإنسان وكرامته ضد الظلم والقهر والعدوان.
منذ فجر تاريخ الأردن، ظل العسكري على الدوام محل تقدير واحترام كبيرين، فهو قدم عبر سنوات طويلة قصصا بطولية استثنائية؛ في الكرامة وفلسطين والجولان، ويدرك الأردنيون أن الالتفاف حول هذا الجيش يقويه ويمده بالعزيمة، ويجعله أكثر صمودا مهما كانت المصاعب والشدائد.
إنه جيشنا المصطفوي؛ مصنع الشجاعة والرجولة، والحرية والكرامة، يحملون أرواحهم على أكفهم ويختارون الشهادة طريقا للدفاع عن وطنهم في سبيل الحق والواجب الإنساني. وها نحن نرفع رؤوسنا ونحن نقص حكايات البطولة عنه، ونفتخر كذلك أننا جزء لا يتجزأ من دروع وطن يكرس السلام وحق الإنسان في عيش حياة كريمة.
أنظار العالم موجهة إلينا اليوم، تتطلع بإكبار لشعب لم ينكسر أمام جبروت الإرهاب المتوحش، وإلى قيادة وضعت الإنسان في أعلى المراتب، وجيش ينتفض لكرامة كل أردني.
أعين جيشنا مفتوحة على الدوام. ونحن ننام بأمان وطمأنينة وفخر وكرامة؛ فهناك من همه الأول والأخير حمايتنا وتحقيق أمننا.
نثق، ودائما سوف نثق، بقيادتنا الحكيمة، وننحني إكبارا لجيشنا الباسل.