دولة الشيطان
لا يختلف إثنان على توحد مشاعر الأردنيين ووقفتهم التي عبروا عنها بمنتهى الأردنية الأصيلة تجاه ما أقدمت عليه الدولة الشيطانية من فعل ربما يتورع الشيطان نفسه عن القيام به. وقد كان الموقف الشعبي على مستوى الحدث مثلما كان الموقف الرسمي كذلك. نستطيع الجزم أن الموقف قد توحد وحصل التوافق والإنسجام بين الشعبي والرسمي بهذا الهيجان العاطفي الذي طغى على مشاعر الأردنيين.
توافق تمنته الدولة وصناع القرار وحاولت جاهدة أن تحققه منذ اللحظة الأولى. لقد كان إيجاد المسوغ أحد هموم الدولة لاستقطاب الرأي الشعبي ومباركته للدخول بالتحالف الأمريكي – العربي. ورغم عدم نجاحها بكسب التأييد الشعبي, ظلت الدولة ماضية بما عزمت أمرها عليه. وبهذه الأثناء حاول الخطاب الرسمي استخدام العصف الذهني لتوجيه الرأي العام نحو ما ذهبت إليه الدولة وذلك لخلق المبرر والمسوغ الداعم والمساند للخطوة التي اتخذتها الدولة.
يبدو أن الجريمة اللاإنسانية التي تنم عن تجرد مرتكبيها من الصفات والمشاعر الإنسانية مدعين بالإسلام الحنيف دينا ومأولين لبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال شيخ الإسلام إبن تيمية حسب فكرهم المتطرف القائم على القتل البشع, جاءت ضارة ونافعة في الوقت نفسه. ضارة بمعنى فقداننا لأحد أبنائنا ونافعة باستثمارها أداة لتحقيق التوافق الذي حاولت الدولة تحقيقه منذ البداية.
نعلم أن الأسير في الإسلام يعامل معاملة حسنة ولا يؤخذ "بجريرة دولته". كما أن الأعراف والقوانين الدولية تحرص على معاملة الأسير معاملة إنسانية لا تنتقص من كرامته وإنسانيته وحقوقه, بينما الدولة الشيطانية حليفة إبليس قد خرجت عن المألوف وتجاوزت كل التوقعات وأدارت ظهرها للقيم والمثل الإسلامية والإنسانية وتجردت من المشاعر والأحاسيس.
بهذا الإجرام والإرهاب, هل تختلف عن النازية؟؟ وهل تختلف عمن أحرق أصحاب الأخدود لكونهم لم يؤمنوا بما يعتقد؟؟ ألم تزيد هذه "الدولة" صورة الإسلام قتامة عند الذين لا يعوا سماحة ديننا ووسطيته واعتداله؟؟ فما الذي جنيتموه بجرائمكم؟؟ هل حققتم العدل؟؟ هل وضحتم الصورة الحقيقية للإسلام للآخرين أم زدتموها ظلامية؟؟ مالذي حققتموه للإسلام؟؟ هل طبقتم نهج الخلافة التي تدعونها؟؟ هل توقف التحالف عن قتالكم؟؟ لقد وضح لنا أن لا عهد ولا ميثاق لديكم, بل ألبتم العالم ضدكم وزدتم القتل وإزهاق الأرواح المغرر بها. فكركم أسود ونهجكم دموي وسنتكم التي سننتموها تخصكم وحدكم وإسلامنا من كل ذلك براء.
ما يزيدنا ألما أن بين ظهرانينا من يؤيد هذا التنظيم الإرهابي المجرم المتعطش للدماء والمتلذذ بإنهاء حياة من يختلف معه. بيننا من يدين الإرهاب ولا يدين من يقوم به ويدين الجريمة ولا يجرم المجرم. وهؤلاء أيضا يتغنون بالإسلام ونهجهم يقول من ليس على نفس نهجهم فهو مشروع هدف بانتظار الوقت المناسب والظروف المواتية.
لقد شاهدنا المدعو حمزة منصور وهو يملأ الدنيا صراخا ونعيقا على شاشة "جوسات" مع محمد الحباشنة إذ رفض الأول أن يدين دولة الشيطان رغم تكرار طرح السؤال من قبل المذيع فيما إذا كان تنظيم داعش إرهابيا أم لا واستشاط غضبا وارتفع صوته حيث كان المذيع يسعى لإجابة محددة لكن دون جدوى. نستخلص من كل ذلك وجود تماثل بين الفكرين الإخواني والداعشي. كيف نصف هذه العقيدة من الآن وصاعدا؟؟ هل هي عقيدة منحرفة ويتظاهر معتقدوها بالتدين كغطاء لستر عوراتهم؟؟ أما وقد وضحت وبانت ولم يبقَ للشك مجالا, الدولة ومن خلال أجهزتها الأمنية مدعوة اليوم لإسكات هذه الأصوات الناعقة بالخراب والبهتان والباطل المغطى بمسحة إسلامية. لا ندعو للبطش والإفتراء والإتهامات الباطلة بل نقول هاهم لا يتورعون عن إظهار تأييدهم الذي يفوق درجة الضمنية لما يصنعه حليفهم دولة الشيطان. كما أنهم لا يعيرون مشاعر الأردنيين الملتهبة والمسلمين والعالم أي اهتمام ولا يعتبروا البطل معاذ شهيدا ولو كان إرهابيا لوصفوه بالشهيد.
إن هذا لصلف ووقاحة وخروج عن الكياسة لا تزيدنا إلا يقينا أن مثل هؤلاء الذين يتخذون من الدين لحافا ليسوا سوى متاجرين بنا نحن المواطنين ولا يهمهم إلا تحقيق غاياتهم الخاصة التي نعلم جميعنا أنها لا تتفق مع الرأي العام الأردني ولا تعود بالنفع على الوطن.
الأردن الشعبي والرسمي يغلي ولسان حال هذا الإخواني يبارك داعش ويرفض وصفه بالإرهابي. أليست هذه حماقة وقصر نظر من قيادي كبير بحجم حمزة منصور؟؟ لقد أخذته العزة بالإثم ولا أظنه يدرك ما يمكن أن يواجهه لو ترجل في الشارع العام.
أخيرا نقول رب ضارة نافعة (من منظور الدولة). لم يكن هناك رضا شعبيا عن اشتراكنا في الحرب, فجاء هذا المصاب الجلل ليقلب التوجه العام لم كانت ترمي إليه الدولة. وطالما أننا بحالة حرب, أليس تكرار هذا المصاب – لا قدر الله ــ ذو احتمالية عالية؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com