اخجل من دمع أمي

 

أخجل من دمع أمي كلما تأففت وتنهدت وتنفست ودعت بزوال الاحتلال من بلادنا فلسطين والعراق؛ تتمنى أن تقضي صلاة واحدة في القدس.

أخجل من دمع أمي عندما تنعت الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي بـ"المخنث"، لدى إعلانه ضرب الطائرات طرابلس، ودك صواريخ واشنطن ليبيا.

وأخجل من دمع أمي عندما تروي عبورها إلى الضفة الشرقية في عام 1967 وكانت تحملني في أحشائها، خوفا من القتل، وهربا من احتلال امتدت أيامه أكثر من 60 عاما.

أخجل من دمع أمي عندما تخطئ في لفظ اسم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وتقول: هذه "كنتون" هي من تحيك المؤامرات وتشكل أداة استشعار يستخدمها الرئيس الامريكي باراك أوباما في تطبيق سياساته في المنطقة.

أخجل من دمع أمي وهي تحذر من انقطاع الكهرباء وتدعو للانتماء للدولة من خلال الالتزام بدفع الفواتير الضرائب، ونصحتني أنا ومن تعرف بالاصطفاف مع الآلاف أمام الديوان تقول إن الملك "بعطي فلوس".

أخجل من دمع أمي التي تحمل مفصلا للركبة مصنوعا من الرصاص وكان، الإهمال بعدم إعطائها مميعا للدم عند تركيبه في مستشفى حكومي وضيع سببا لمفارقتها الحياة عدة ساعات إثر جلطة، لتحيا مجددا بفعل شبكة في القلب ترهقها كل يوم.

أخجل من دمع أمي عندما تسأل عن أغنياء البلد وكيف جمعوا الأموال في هذه الفترات القصيرة من الزمن وهي تتأمل قصور عبدون ودابوق ومزارع السلط وجرش.

أخجل من دمع أمي عندما تسأل عن أسعار الكاز وهل أبقت الحكومة على أسعار الغاز في التعديل الشهري المشؤوم.

أخجل من دمع أمي عندما تحتضن حفيدها فيصل، وتتساءل في خلجات نفسها عن مستقبله وتقرأ في عينيه إخفاق خدمات صحة وتعليم جير لمنتفعين في قضايا فساد مثل المصفاة وسكن كريم والكازينو والمخفي أعظم.

أخجل من دمع أمي مع كل رصاصة أو صاروخ يطلق باتجاه بغداد وأفغانستان ويقتل الأبرياء، وكل هراوة يحملها الغزاة في فلسطين ويضربون بها أبناء بلعين المحتجين.

تحية لكل أم وكل عام وهن بكل خير، ولا يجب أن نخجل من دموع أمهاتنا، تلك الكلمات التي دندنها مارسيل خليفة، ونرضى العيش تحت وطأة قهر وفقر واستعباد، على العكس دموع الأمهات ليست إلا بركة نستمد منها مزيدا من العمل والعطاء.