لهذه الأسباب ثار الشعب الليبي على القذافي (الحلقة الاولى)

 

 

ربما خدع بعض المثقفين العرب بمواقف العقيد معمر القذافي تجاه فلسطين والقضايا العربية "الكلامية"، دون أن يقدم دليلا واحداً على دعمه ونصرته لها، ما يبرر وقوف عدد منهم إلى جانبه الآن، وربما كان لهذا الوقوف الذي يقع على النقيض من مواقف الشعوب العربية أسباب أخرى، معروفة أو مجهولة.

 

سبق أن أوضحت -في مقالة سابقة- أن القذافي لم يقدم شيئا لفلسطين، وإن كان الليبيون قد قدموا الكثير، فثوارهم شاركوا في حرب 1948، وتوجد في يافا إلى الآن مقبرة تضم رفاتهم باسم مقبرة الليبيين.

 

دعم القذافي للقضية الفلسطينية اقتصر على دعم أشخاص، من ضمنهم "أبو نضال" الذي أقام في ليبيا سنين، وغيره ممن نفذوا أجندة القذافي، ولم يرق إلى دعم شعب.

 

عدا عن الدعم الصوتي، ففي العام 1982 غداة مهاجمة "إسرائيل" لبنان، صرح بأنه سيرسل طيارين ليبيين بمهمات انتحارية لقصف القوات الإسرائيلية، دون أن يحدث ذلك. وعند عودة ياسر عرفات في العام 1983 إلى طرابلس بشمال لبنان؛ لإعادة تنظيم الوجود الفلسطيني، هاجمته الدبابات الليبية والسورية، وأجبرته على الخروج مرة ثانية.

 

وغداة الإعلان عن اتفاقية أوسلو طرد القذافي الفلسطينيين من ليبيا، وألقى بهم على الحدود الليبية المصرية، وصادر ممتلكاتهم، وأخرج عددا منهم بملابس النوم، كما أرسل في العام 1993 حجاجا إلى القدس المحتلة عبر "إسرائيل".

 

أما وقوفه إلى جانب القضايا العربية، فتذكر جامعة الدول العربية أن ليبيا لم تلتزم في عهده بدفع الأموال التي التزمت بها لدعم الجبهات العربية في السبيعينيات والثمانينيات، وأبرزها وعدها بدفع 200 مليون لهذه الغاية في قمة بغداد 1978، بقيت حبرا على ورق.

 

ويذكر العراقيون أيضا، أن القذافي مد إيران بصواريخ سكاد في العام 1984، التي قصفت بها بغداد والمدن العراقية الأخرى، ومنها صاروخ سقط على مدرسة أطفال في ديالى وقتل عددا كبيرا منهم.

 

وماذا نتوقع من نظام أعلن جهارا نهارا "خلعه" العباءة العربية عام 1999، وتوجهه نحو إفريقيا، فيما ما زالت الكلمات التي رددها ابنه سيف الإسلام: "طز بالعرب طز بجامعة الدول العربية" تؤكد هذا التنصل من الأمة والاستهانة بها، وهذا غيض من فيض تلك المواقف المخربة للتضامن العربي، والإساءة للقضية الفلسطينية.

 

بيد أن موضوع هذه المقالة بعد أن وصلت الأمور في ليبيا إلى ما وصلت إليه، هو إعادة التذكير بالمنطلقات الأساسية لثورة لشعب الليبي وأسبابها، عسى أن تنفع الذكرى.

 

أسباب الثورة:

 

حين قام الملازم معمر القذافي بانقلابه العسكري عام 1969، في فترة صعود المد القومي، تلقفه الشعب واحتضنه، وأمل خيرا بأن ينقله هذا الانقلاب إلى التحديث والمستقبل المشرق، وأن يلعب الليبيون دوراً مؤثرا في نهوض الأمة العربية.

 

لكن الليبيين، وجدوا أنفسهم بعد أربعين عاماً، أسرى لنظام دفع بهم إلى التخلف، وعطل تقدمهم، وحولهم إلى حقل تجارب لأحلام و"كوابيس" لا صلة لها بالواقع، ولم يمكنهم من لعب أي دور في القضايا العربية، اللهم إلا الدور "التخريبي".

 

كيف حدث هذا:

 

بإعلان القذافي سلطة الشعب عام 1973، وانتهاجه الطريق الثالث "بين الاشتراكية والرأسمالية"، قضى على الملكية الفردية، وجرد الليبيين من أموالهم بتغييره العملة، غداة فرض على الليبيين الإجابة عن هذا التساؤل: من أين لك هذا؟، كما حظر التجارة، وربط الاقتصاد الليبي بالدولة، لدرجة أنها باتت تستورد كل شيء، من "الإبرة إلى الصاروخ".

 

يتبع غدا إن شاء الله