معاذ الكساسبة شهيد الوطن
بمشاعر الحزن والسخط والغضب تلقى الأردنيون نبأ استشهاد الطيار البطل معاذ الكساسبة والأسلوب الوحشي الذي اتبعه المجرمون في قتله هذا الأسلوب الذي يخالف كل الأديان ويتناقض مع كل القيم الإنسانية التي عرفت عبر تاريخ البشرية الطويل.
إن الدين الإسلامي دين سمح ودين يقبل الآخر ويساوي بين الناس جميعا فالناس كأسنان المشط لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى ودم المسلم على المسلم حرام فمعاذ طيار عسكري قام بتنفيذ الواجب المطلوب منه لوطنه وإذا وقع أسيرا بأيدي التنظيم المجرم فالمفروض أن يعامل على أنه أسير والأسير له حقوق كفلته كل الشرائع السماوية والأرضية لكن هؤلاء المجرمين الذين يدعون أنهم ينفذون شرع الله لا يعرفون شيئا من حقيقة هذا الشرع ولا يخافون الله فيما تقترف أيديهم الملطخة بالدماء.
لقد شُجبت هذه الجريمة النكراء من كل العالم الذي أذهلته هذه الوحشية وهذه البشاعة وهذا الإجرام الغريب عن مجتمعاتنا لكن مهما تمادوا في اجرامهم فلن يكون مصيرهم إلا كمصير كل المغامرين الذين سبقوهم وسيذهبون في النهاية إلى مزبلة التاريخ.
لقد أثبت استشهاد معاذ أن الأردنيين أسرة واحدة يجمعهم المصير المشترك ووحدة العقيدة والدم فقد نسي الجميع كل خلافاتهم وما قد يحمله البعض من حساسيات معينة وتوحدوا خلف قائدهم وخلف جيشهم البطل وأصبح الشهيد الكساسبه ابنا لكل الأردنيين ودخل كل بيوتهم وأصبح أيقونة لنا جميعا نحملها في قلوبنا ونفاخر بقوته وشجاعته كل العالم.
لقد وقف معاذ داخل قفصه بكل رجولة وشجاعة ولم يرف له جفن أو يتوسل واللهب يأكل قدميه وظل واقفا شامخا مرفوع الرأس إلى أن أغمي عليه وسط اللهب المشتعل وكانت نظرات الذهول تبدو على الوحوش من حوله لهذه الرجولة والشجاعة والشموخ.
يقف الأردنيون اليوم وقفة رجل واحد خلف قيادتهم وهم يتوعدون بالثأر لدم معاذ وهم لن ينسوا أبدا ابنهم الشهيد ولن ينسوا أبدا أن لهم ثأرا عند هؤلاء الهمجيين وسينتقمون قريبا من كل الذين عذبوا معاذا وكل الذين قاموا بقتله ولن يذهب دمه هدرا بإذن الله.
إن رفاق معاذ الذين افتقدوه سيظلون يذكرون دائما وقفته الشجاعة وتضحيته بنفسه من أجل وطنه وحتى يظل هذا الوطن قويا شامخا كشموخ شعبه وهم سيثأرون لزميلهم وأخيهم البطل فهم النسور وهم الذين يحلقون في الأجواء رافعين الرؤوس لا ترتجف قلوبهم أبدا.
نفاخر كلنا بشهيدنا البطل ونصلي له دائما ليكون مقامه مع الشهداء الأبرار وقبل أن نعزي والده ووالدته وزوجته وأسرته الكريمة نعزي أنفسنا ونعزي كل الأردنيين فهو ليس ابنا لصافي الكساسبه فحسب بل ابنا لكل الأردنيين الشرفاء الذين استنكروا هذه الجريمة البشعة ووقفوا صفا واحدا خلف قيادتهم الرشيدة.
عزاؤنا بمعاذ أنه ليس أول الشهداء ولن يكون آخرهم فالأردن قدم مئات الشهداء من أبنائه الأبرار وهم جميعا استشهدوا دفاعا عن ثرى وطنهم وعن معتقداته وهؤلاء الشهداء الأبرار سيظلون خالدين في قلوبنا وفي عقولنا.
وليرحم الله شهيدنا البطل ويسكنه فسيح جناته.