الصحافة وهيئة مكافحة الفساد

 

 

الصحافة هي السلطة الرابعة ومن المفروض أن تكون الساعد الأيمن للحكومات خصوصا في قضايا الفساد لأن لدى بعض الصحفيين وعن طريق وسائلهم الخاصة القدرة على كشف الكثير من قضايا الفساد سواء كانت هذه القضايا فسادا ماليا أو اداريا ونحن نعرف أن أحد الصحفيين استطاع أن يجبر الرئيس الأميركي ريتشارد نكسون على الاستقالة من رئاسة الولايات المتحدة الأميركية بسبب قضية فساد وهي قضية ووتر غيت الشهيرة وهنالك قضايا فساد كثيرة في العالم كشفتها الصحافة وكانت لها ردود فعل كبيرة جدا .

 

في بلدنا تكتب الصحافة عن العديد من قضايا الفساد لكن مع الأسف لا تكون هناك أي ردود فعل من الحكومة أو من الجهات المعنية وقد طالبنا رؤساء الحكومات المتعاقبة عدة مرات من خلال هذه الزاوية أن يخصصوا أحد المستشارين من الذين ليس لديهم عمل في رئاسة الوزراء لكي يتابع ما يكتب في الصحافة عن قضايا الفساد وأن يتحقق مما كتب فاذا كان الذي كتب صحيحا فعلى رئيس الحكومة أن يتخذ الاجراءات القانونية بحق الذين ارتكبوا هذا الفساد وان كان كيديا فان الصحفي الذي كتب يتحمل المسؤولية عن ذلك وتتخذ بحقه الاجراءات القانونية .

 

قبل عدة سنوات زرت أحد المسؤولين الكبار في مكتبه فسألني ما أخبار الصحافة فقلت له أنا الذي يجب أن أسألك هذا السؤال فقال بأنه لم يقرأ الصحف منذ أكثر من سنة وعندما أبديت استغرابي من ذلك قال بأنه يريد أن يريح نفسه وحتى لو كتب عن دائرته فانه لا يقرأ ما كتب لأن ذلك لا يهمه أبدا .

 

هيئة مكافحة الفساد أعلنت بأنها أنشأت وحدة متخصصة بمكافحة الفساد ترصد ما ينشر في وسائل الاعلام عن قضايا فساد وقد أسعدنا هذا الخبر كثيرا وشعرنا بأن هناك الآن جهة رسمية تتابع ما ينشر في الصحف من قضايا فساد وهذا يزيد من شعورنا بالمسؤولية وأن ما نكتبه من هذه القضايا يجب أن يكون موثقا مئة بالمئة حتى لا نظلم أحدا وحتى نكون الأعين الساهرة على مصلحة هذا الوطن ومصلحة مواطنيه .

 

يجب أن نثمن هذه الخطوة من السيد سميح بينو رئيس هيئة مكافحة الفساد وأن نقدر جهوده الحثيثة في مكافحة الفساد والفاسدين ونعده وعدا صادقا بأن نكون عونا لهيئته لكي يظل الأردن نظيفا دائما وخاليا من أي فساد وحتى يطمئن المواطنون بأن هناك من يتابع الفساد والمفسدين الذين يمتصون دماء شعبهم والذين كانوا في منأى عن العقاب يمرحون ويسرحون كما يحلو لهم في غياب المساءلة والمحاسبة.

 

لقد عاث البعض فسادا وامتلأت جيوبهم على حساب قوت المواطنين وصرنا نفاجأ بأن هؤلاء البعض قد أصبحوا من أصحاب الملايين خلال سنوات قليلة ونحن نعلم علم اليقين بأنهم لا يملكون سوى راتبهم الذين يتقاضونه في نهاية كل شهر وهذه الملايين تتكدس عند هؤلاء ونسبة الفقر تزداد عندنا يوما بعد يوم.

 

مرة أخرى شكرا لهيئة مكافحة الفساد هذه الخطوة الايجابية الجريئة ونتمنى أن نسمع عن خطوات أخرى مماثلة.