«المركزي» يستهدف السيولة الراكدة
مرت السيولة الفائضة للقطاع المصرفي بحالة ركود خلال الخمس سنوات الماضية عند مستوى يتراوح بين 3 الى 4 مليارات دينار.
هذه السيولة لم تستخدم لإقراض الحكومة، ولا لإقراض الشركات والأفراد، بينما كانت البنوك تستفيد منها عبر ايداعها لدى البنك المركزي لليلة واحدة بسعر فائدة نافذة الايداع.
أي أن الاقتصاد لم يستفد من هذه السيولة، ليكون المستفيد الوحيد منها البنوك التي تمتلك فوائض سيولة غير مستغلة في عمليات الاقراض.
اليوم، وعبر قراره الأخير، يسعى البنك المركزي الى كسر القاعدة البالية واستهداف السيولة الراكدة في القطاع المصرفي ليتم استغلالها في تحقيق أهداف النمو الاقتصادي عبر قنوات الاقراض المختلفة.
بالتالي، تم استبعاد نافذة الايداع من الأدوات الرئيسية للسياسة النقدية، واستبدالها بشهادات ايداع يحدد المركزي من خلالها حجم السيولة التي يريد امتصاصها وتحييدها عن عمليات الإقراض، لتبقى السيولة الفائضة المتبقية تحت الضغط بسعر فائدة متدن مقارنة بالأدوات الأخرى للسياسة النقدية.
الرسالة اذا، اما استغلال السيولة الفائضة، أو تخفيض مستويات الفائدة على السندات الحكومية والقروض والودائع، واما توزيع السيولة نحو البنوك الراغبة في التوسع في الاقراض.
وحتى لا تفقد البنوك بوصلة السياسة النقدية وتوجهاتها فيما يخص أسعار فائدة الودائع والتسهيلات، فقد تبنى البنك المركزي أداة سياسة نقدية رئيسية يوصل من خلالها توجهات السياسة النقدية للبنوك التجارية.
بعيدا عن الخوض في التفاصيل، تبدو خطوة البنك المركزي في مصلحة الاقتصاد عبر تحفيز استغلال السيولة المصرفية، وتحقيق توزيع أفضل لهذه السيولة، بالإضافة الى ما يحمله قرار تخفيض الفائدة من تخفيف أعباء الاقتراض على الحكومة والشركات ذات القوة التفاوضية والافراد المرتبطة قروضهم بأدوات السياسة النقدية وسعر الاقراض بين البنوك. قد يقول قائل ان في قرار البنك المركزي نوعا من المغامرة والتسرع، بيد أن الطرح السابق مرفوض عند العلم أن المركزي يراقب التطورات أولا بأول، ويستطيع من خلال شهادات الايداع التأقلم مع أي تغيرات داخلية أو خارجية.
ببساطة، يستطيع البنك المركزي تخفيض حجم شهادات الايداع لــ 100 مليون دينار، ويستطيع زيادتها الى 4 مليارات دينار، أي أن المركزي يسيطر على أسعار الفائدة بحذافيرها، فلا داع للقلق. المركزي يضيف عبر قراره الأخير الى انجازاته الاستثنائية بعد تعليمات التعامل مع العملاء بشفافية وتعليمات الحوكمة المؤسسية وتطوير نظام المدفوعات وطبعا انقاذ الاقتصاد الأردني خلال أزمة عام 2012.