كل عام والأمهات الماجدات بألف خير

من أجمل ما أجمعت عليه البشرية من مناسبات مختلفة عيد الأم الذي يصادف في 21 من آذار من كل عام وللأم خصوصية إنسانية تعجز الأقلام وكل لغة الضاد على بلاغتها بالتعبير عنها لأنها شعور إنساني ومهما أسرفنا في التعبير عنها يبقى ذلك الشيء الكامن في اللا شعور أكبر أن توصفه الكلمات لأن الأم هي التي أعطتنا الحياة بعد المولى عز وجل ، كما أنها المدرسة الأولى التي نتعلم منها وتبقى المرجع والأساس في حياتنا مهما طالت بنا الأعمار وارتفعت بنا المقامات ، الأم قبل أي كائن حي في حياتنا هي وحدها من نرى بحضنها الدافئ كل الحب والعطاء والحنان الذي يتدفق من قلب الأم بلا مقابل ولعل السعادة الوحيدة التي تراها الأم هي سعادة فلذة كبدها الذي يبقى في نظرها ذلك الصغير مهما تجاوز من العمر وبلغ من المقامات ويبقى هذا النبع من حنان الأم هو الأساس لحياتنا واستقرارنا على ظهر هذا الكوكب حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

 

نحتفل اليوم بعيد الأم الذي هو أجمل وأعظم المناسبات التي أجمعت عليها البشرية ليكون تكريما لهذه المدرسة العظيمة الأم ، الأم التي أمدتنا بنور الحياة وعلمتنا معنى حب الأرض والوطن والتضحية من أجل ذلك ورِأينا نماذج مشرفة للأم العربية خاصة في فلسطين ولبنان والعراق ومصر وتونس في الثورتين الأخيرتين حيث رأينا صورة تلك ألام التي تعتبر قدوة لنا وهي تطلق الزغاريد عندما يأتي خبر استشهاد أحد أبناءها ، ورأينا في كل عالمنا العربي آلاف النساء الأمهات أمثال الخنساء ورأينا من تقول عندما يستشهد أحد أبناءها أو زوجها في فلسطين وغيرها أنها مستعدة لتقديم كل أبناءها من أجل الوطن وحريته واستقلاله .

 

عيد الأم مناسبة أممية لتكريم أعظم المدارس الإنسانية ومن محاسن الصدف في وطننا العربي أن يمر عيد الأم منذ 44 عاما متزامنا مع ذكرى يوم الكرامة الخالد الذي خاضه الفدائيين الفلسطينيين البواسل بجانب أشقاءهم من الجيش الأردني الشجاع  ، والأم العربية هي من قدم الجندي والفدائي الذين سطروا أول نصر عربي على الكيان الصهيوني لجانب حرب الاستنزاف الناجحة التي خاضها الجيش المصري الباسل بعد نكسة حزيران مباشرة ، وكانت معركة الكرامة وقبلها حرب الاستنزاف بداية سقوط ما يسمى بالجيش الذي لا يقهر .

 

نحتفل اليوم بعيد الأم وبلادنا العربية تموج بالثورات والحركات التي تطالب بالتغير والإصلاح ، والأم بلا شك كانت المدرسة الأولى التي تعلمنا منها حب الوطن والتضحية من أجله ، عيد الأم مناسبة عزيزة بخصوصيتها الإنسانية ومعانيها الأدبية والأخلاقية والأسرية لأن الأم أكبر رابط أسري ولا يعرف قيمة هذه المناسبة العظيمة إلا من فقد ذلك الينبوع من الحنان الذي لا ينقطع مثل كاتب هذه السطور ، وفي هذه المناسبة أقول لروح أمي الطاهرة التي رحلت لجوار خالقها في 13 من شباط عام 1999م، أي قبل 12 عاما وأقول إنني لم أشعر بالوحدة إلا بعد رحيلها فقد كانت في حياتي الأم والصديقة والأخت والبحر المتدفق من الحنان والعطاء بلا حدود ، فقد عجزت في حياتها أن أوفيها إلا بالقليل من حقها ولكن بعد رحيلها لا أملك إلا الدعاء لله العلي القدير أن يرحمها ويجازيها عني وعن أشقائي وشقيقاتي خير جزاء فقد كانت الأم والإنسانة التي أحبها كل من عرفها ولعل رحيلها المفجع لنا والوداع الأخير لها كان أكبر دليل على محبة وتقدير كل من عرفها ، رحم الله أمي وكل الأمهات الأحياء منهن والأموات ولعلنا في هذه المناسبة نناشد الجهات المعنية بالتوعية والتذكير الدائم بدور الأم المدرسة الذي لا يختلف اثنان على أنها أهم الأسس لبناء المجتمع  ، نتذكر من أوصتنا بها السماء والأرض معا بقول الخالق عز وجل ( وبالوالدين إحسانا )) وقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عندما سئل من أحق الناس بصحبتي قال أمك ثلاث مرات والرابعة أبوك ، آملين أن ينعم الله على كل إنسانة تتمنى الأمومة أن يمن الله عليها بذلك ، وان تقدم الأمم والشعوب يبدأ من احترام مدرستها الأولى وهي الأم وكل عام وكل الأمهات بألف خير وشعبنا وأمتنا بألف خير .

 

                                                عبد الهادي الراجح

alrajeh66@yahoo.com