ألوان المعارضة الرئيسية " أبيض أسود رمادي "


منذ ان بدأ عصر الدول على الارض والوان المعارضة تتراوح بين الوانها المعروفة والتي لايختلف عليها اثنان , فجوهر النزاع على السلطة هو قديم متجدد باستمرار , فعلماء التاريخ يشيرون باكثر من موضع بكتاباتهم على أن التنافس على السلطة ودفة الحكم كانت قائمة منذ فجر التاريخ ليومنا هذا , فمن تتبع تاريخ الامبراطوريات في اوروبا وكذلك ممالك العرب والصين وبلاد فارس وحتى امارات العصر الاسلامي القديم يلاحظ مدى التنافس المحموم من قبل اطياف معينة بتلك الحواضر الحاكمة على منابر الحكم والسلطة , الا اننا نتسائل عن الوان ومصوغات ذلك التنافس الذي تطور شيئا فشيئا حتى اصبحنا نكنيه بما يسمى بالمعارضة السياسية , فالممارسة موجود منذ القدم ومسبباتها طموحات نابعة من الفكر والجوهر تارة, وتارة اخرى من معاناة الشعوب او من مصالح تكرس الطموح الفردي , من هنا يتسائل الكثيرون : هل المعارضة بجميع اطيافها ومكوناتها تتفق على هدف واحد ام ان الوانها المختلفة تتناغم بالغايات وتفترق عن النهايات والاهداف؟!!!! وللاجابة يجب علينا الاشارة والتعريف بالوان المعارضة الرئيسية , فلنبدأ باللون الدموي وهو ما يكنى بالاسود حيث اجمعت مفاهيم السياسة ان هذا اللون ينقسم لقسمين لاثالث لهما , فالصورة الاولى عبارة عن الانقلابات العسكرية والتي تؤدي فيما بعد لتغيير جذري باساليب الحكم من حيث المفهوم والتطبيق , والصورة الثانية اساسها الانقلابات الشعبية الرافضة لنظام الحكم ومن ثم القيام بتغيير عام باساليب دفة ادارة الدول , حيث اطلق على هذا النوع بالمعارضة السوداء لان مضامينها وتصوراتها لادارة البلاد مختلفة بشكل تام عن تلك الانظمة التي كانت قائمة , اما اللون الثاني من الوان المعارضة السياسية هو اللون الابيض , حيث اجمع الكثيرون ان هذا التصنيف المعارض تتوجه اهدافه نحو مباديء الاصلاح الداخلية للبلاد بعيدا عن اي تغيير جوهري باساليب ادارة الدولة , لذلك فأن انصار هذا النوع لايؤمنون بالدموية بل يتخذون من الحوار والتفاوض المستديم صورة مميزة لاليتهم في التغيير , فاجماعهم دوما ينبعث من اصلاحات ضرورية في الانظمة الحاكمة من خلال العمل المتوازي بين المظاهرات والكتابة الناقدة , وبما ان هذا النوع من المعارضة ينحى بأساليبه بعيد عن المصادمات المباشرة والدموية مع انظمة الحكم ووسائلها المتوفرة لذلك اطلق عليه المعارضة البيضاء , فالحكومات والانظمة الحاكمة تتعامل مع هذا النوع بطرق مختلفة تماما عما تعامل به باقي الوان المعارضة , والنوع الاخير هو مايسمى بالمعارضة الرمادية وغالبا ما يتواجد انصار هذا النوع بين الطيف الاسود والابيض , وخير ما ينطبق من تسميات تطلق عليهم هو ا لمعارضة الاستفزازية , حيث تختلف اهداف هذا اللون او النوع عن باقي اهداف الالوان الاخرى كما ويشكل انصار هذه الفئة العدد الاقل بين اطياف المعارضة , ونود الاشارة ان مطالب هذا النوع غير مكشوفة للعيان فهم يسعون دائما لاستفزاز السلطات والانظمة للحصول على المكاسب باختلاف انواعها , وهذا النوع لاتخلو اي معارضة سياسية من وجوده بين ثنايها , وما يميز هذا النوع هو عمره القصير كفئات معارضة رغم اصواته المرتفعة سواءا بالحراكات الشعبية (المظاهرات) او من خلال المنابر الادبية مثل الكتابة والخطابات ذات السقوف العالية , ولذلك يطلق عليه بالمعارضة الرمادية لان اصاحبها غالبا ما ينحازون للون الذي يقربهم من تحقيق مصالحهم الشخصية بعيدا عن هموم الشعوب ومطالبهم الاصلاحية , من هنا نؤكد ان الوان المعارضة باختلافها لاتجتمع على هدف واحد , فالاسود هدفه تغيير الانظمة واعتلاء سدة الحكم والابيض صاحب هدف شعبي اصلاحي والرمادي يكرس نفسه للمصلحة الفردية بعيدا عن الاصلاح وهموم الشعوب ..
nshnaikat@yahoo.com