تغييرات السعودية ..بين الإصلاح وتحديات المرحلة المقبله !

بقلم محمد سليمان الخوالده
فى سابقة هي الأولى من نوعها أقدم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على تغييرات جوهريه في المواقع الوزارية ، ليس في أسماء الأشخاص الذين طالهم التغيير بل في عددهم وتوجهاتهم ومراكزهم الوظيفيه وذلك بعد يومين على لقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما في الرياض ، مثل هذا التغيير اعتبره البعض انقلابا على الحرس القديم بهدف تغيير الأشخاص ، وفي حقيقة الأمر لم يكن الأمر كذلك ، بل هو انقلاب على النهج والتوجهات إيذانا ببدء مرحلة جديده عنوانها الإصلاح والانفتاح وتغيير التحالفات ومكافحة الإرهاب .
التعديلات التي وصفها البعض بتعديلات جذريه ، جاءت بعد تولد قناعة لدى النظام السعودي بان مسألة الإصلاح أصبحت أمرا واقعا لامناص منه ، وخصوصا بعد حصول انفتاح لدى قطاعات واسعة من المجتمع السعودي عماده عناصر شابّه تطالب بالإصلاح السياسى، والتعددية المذهبية، وحرية التعبير، وحقوق المرأة وبشكل علني ، بعدما ظل مجرد الحديث عنها أو التطرق اليها يعد من قبيل المحرمات ، حيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حوارات ساخنة وغير مسبوقة مع رجال الدين المتشددين الذين يتمتعون بنفوذ قوي داخل مؤسسات الدولة .
وبقراءة سريعه للتغيرات التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على تشكيل الحكومة وأثرها على المستوى الداخلي والخارجي ما يلي:
على المستوى الداخلي :
1. نلاحظ أن في التشكيل الجديد للحكومة وجود عدد من الوزراء والمسئولين المحسوبين على التيار الليبرالي في تشكيل الحكومة الجديدة ومن أبرزهم وزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي " مدير قناة العربيه السابق ، وهذا يوحي أن هناك توجه لتجديد الخطابين الديني والثقافي ، بهدف إيجاد مناخ أكثر تسامحا وانفتاحا على الاخر المختلف، وتعزيز مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان لتكريس دولة القانون ( الجميع متساوون في الحقوق والواجبات) بغض النظر عن مذهبه وطائفته.
2. كان من أهم التغييرات ابقاء مجلس الشؤون السياسية والأمنية وبرئاسة الأمير محمد بن نايف، ولي ولي العهد ووزير الداخلية ( رجل الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب ) ورغم أن صلاحيات هذا المجلس الجديد لم تتضح بعد، إلا أنه يتوقع أن يكون له دور هام في رسم سياسات المملكة ، خاصة وأنه يضم في عضويته وزراء ومسئولين ذوي توجه ليبرالي، ومن المتوقع أن ياخذ المجلس على عاتقه محاربة التطرف والإرهاب كأولوية أولى وهذا يتطلب تقليص نفوذ المؤسسة الدينية وتقويض نفوذ رجال الدين الوهابيين باعتبار ان الفكر الوهابي هو المغذي الرئيسي للفكر المتطرف ، ولا يخفي على احد أن أمريكيا تطمح وترغب بان تأخذ السعودية خطوات سريعة وجادة تصب في خدمة المصالح الامريكيه وتهيئ المناخ لقبول إسرائيل فى محيطها العربي لحدوث تطبيع كامل ليس فقط مع السعودية بل مع دول الخليج كلها .
على المستوى الاقليمي :
1. قرار إعفاء الأمير بندر بن سلطان، أمين عام مجلس الأمن الوطني من منصبه (رئيس المخابرات السابق) وعزل الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز من منصبه كرئيس للاستخبارات العامة وتعيين الفريق خالد بن علي بن عبد الله بدلاً منه، يعطي دلالة واضحة أن العربية السعودية بصدد إعادة دراسة الملفات التي كان يحملها الأمير بندر بن سلطان وربما إتلافها بعد الفشل الواضح في إدارة ملفات المعارضة السورية ناهيك عن ملف مصر الذي أرهق الميزانية السعوديه فكلّفها حتى هذه اللحظة 12 مليار دولار ، إضافة إلى ذلك فقد السعوديون كل ما لديهم من نفوذ في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على السلطه ، ويعزي البعض فتور العلاقة بين السعوديه وتركيا وإيران من جهة أخرى الى سياسات الأمير بندر بن سلطان في المنطقه ، وعليه من المتوقع ان يحدث تغيير نحو سوريا النظام وتركيا في المستقبل القريب وتوحيد الجهود نحو محاربة الارهاب وتراخي في دعم مصر ( السيسي) في المرحلة المقبلة ، وتقاربا مع توجهات قطر في تناولها للملفات الاقليميه .
التحديات
السعودية العربية دخلت مرحلة جديدة، عنوانها الإصلاح ومحاربة الإرهاب وبالرغم ان تشكيل الحكومة الجديدة لم يخلو من التوازنات في إعطاء حصة كبيره لتيار المحافظين ، الاّ انه من المتوقع حدوث صدام مع المتشددين والمحافظين بشكل عام لاحقا على المدى البعيد ، وذلك بعد ترجمة الرؤى الى خطوات عمليه على ارض الواقع ، خصوصا ان المؤسسة الدينية ألوهابيه ما زالت تحظى بقاعدة شعبيه كبيره ونفوذ داخل مؤسسات الدوله ، والتحدي الآخر هو قدرة العائلة المالكه على التماسك بعد إقصاء رموز لها وزنها الثقيل في العائله ، الشهور المقبلة سوف تكشف المزيد وتجيب عن كثير من التساؤلات !
msoklah@yahoo.com