إضاءة على نصوص " جدار بردين" للدكتورة سناء مبارك

 





اخبار البلد


إضاءة على نصوص " جدار بردين" للدكتورة سناء مبارك


بقلم : صابرين فرعون

عندما بدأت القراءة الأولية لأخذ الملاحظات اللغوية في هذه النصوص وجدتني أقف عند نقطة تحيرني ويتلقفني السؤال وهو : لماذا صنفت د. سناء مبارك ما كتبته ل"نصوص" بينما كان بإمكانها أن تجنس هذا النوع من اللغة تحت إطار القصة باعتبار بعضها احتوى كل عناصر القصة كما في نصوص :
"يسي" , " سائق تاكسي ثري جداً" , "شكر على الطريقة المحلية" , "بكاء رجل" , أو أدب المذكرات كما في نصوص : "عودة من الموت" ,"حساسية مجنونة",  "الشجاعة,الرحمة,الحياة" , أو المقالة الأدبية فهي تسرد من واقع معايشتها للحياة وتجربتها الإنسانية وفيها إرشاد تربوي ووعي بقضايا تهم المجتمع العربي كما في نص " عناد" , "من حكم بلد البردوني؟" , "النقص المكمل" , "يوثانيجيا" ,أو حتى الشذرات أو الخاطرة باعتبارها ذاتية كما في "سنائيات" ؟! 

تسلسل وترتيب نصوصها  وسردها الذي يمزج بين الأسلوب الأدبي والمعرفي "الطبي" تحديداً جعلني أستوعب الفكرة الأساسية التي تحاول من خلاله إيصال رسائل عميقة للقارئ وهي أن الجانب التثقيفي لا يقوم على الأدبيات المحضة وإنما على المزاوجة مع العلوم المعرفية , فما بالكم إن كانت تُخبرنا بعفوية الكاتب عن ثقافة المجتمعات العربية من خلال منظور مبني على أن العلوم الإنسانية تكملها المعرفة العلمية والاحتكاك والتواصل الاجتماعي لا النظري لاستيعاب طبيعة النفس البشرية فكرياً وعاطفياً , تلك النفس التي هيأ لها رب العالمين كل سبل الاختبار والتخير والاختيار وعدم الامتعاض واليأس من زلة عابرة أو خطأ يعود لجهل الفرد أو المجتمع بطبيعته وكيفية معالجته ؟!  

تمتاز هذه النصوص بالانسيابية والسلاسة في معالجة الأمور بصورة تفاؤلية تخاطب بها الكاتبة الثالوث المقدس : العقل,الروح, والمشاعر.

وظفت تخصصها العملي كطبيبة أخصائية جراحة وأطفال في صقل اللغة وتهذيب المعنى بمفردات ومصطلحات طبية مفهومة لكل الطبقات العمرية المجتمعية مثل : الكورتيزون,ميكروبات,بكتيريا, الديكساميثزون...

من الملاحظ أن عنصر المكان موجود في أكثر النصوص مثل: المكلا,القاهرة, عدن مما يختزل عادات الشعوب .

هناك تزاحم وتنوع في النصوص من حيث نوعها : أغلبها كانت نصوص مغلقة على معنى واحد أو أكثر , كما أن تقنية السرد يحث القارئ على اتخاذ موقف الانحياز للفكر الذي يسمو بالإنسانية برسائل هادفة كالوقوف على مفهوم القتل الرحيم " اليوثانيجيا" وأسبابه , والجرائم والحروب وتشريد الأطفال ونوم الضمائر والنفاق وعدم فهم القيم والحكمة من الأعياد الدينية , وسطحية الفكر والنظرة للمرأة وحتمية الموت والطموح والحلم وتحدي الخوف الداخلي والنقص الذي يودي للفراغ وفهم طرق الشكر ومعانيها المختلفة من شب لآخر ...

لها أسلوب رشيق في معالجة المواضيع , لها أسلوب الإقناع والإمتاع في نفس الوقت.. جاءت صياغة عنوان الكتاب كما ذكرت في مقدمته من خلال شغفها للكتابة على البردين المكوِّن للبيت من ثم من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ثم صار حلماً يتحقق بين طيات كتاب .

د. سناء مبارك من عدن جنوب اليمن , مقيمة بالقاهرة , خريجة كلية الطب والجراحة العامة من جامعة القاهرة , تحضر للماجستير في طب الأطفال , تكتب في الصحافة العامة , مدونة لدى المجموعة الفرنسية آراب بلوغ .

نصوص "جدار بردين" هو عملها الأدبي الأول صدار عن دار فضاءات للنشر والتوزيع الأردن , وحالياً تعمل على إصدارها الثاني والذي سيكون رواية.