إضاءة على المجموعة الشعرية "شرفة يتيمة" للشاعر المغربي صلاح بوسريف
أخبار البلد
إضاءة على المجموعة الشعرية "شرفة يتيمة" للشاعر المغربي صلاح بوسريف
بقلم : صابرين فرعون
ميتافيزيقية النص ومجزوء الإنسان الفكري :
نجد اللغة الانسيابية عند الشاعر بوسريف من خلال تقنية Deconstructionحيث يقوم بتفكيك الخطاب السردي موظفاً الإدراك الحسي والوعي العقلي المكملان لبعضهما في إدراك البُعد النفسي "السيكولوجي" للشاعر لحظة الكتابة والإلهام الشعري . هناك سيادة في الخطاب الميتافزيقي اللغوي تهيمن على منظومة النص الشعري بحيث ينسج مفاصل السرد الذي له مدلولاته العميقة في تحليل السلوك الإنساني في الخطابين : اللفظي والغير لفظي "الاحتواء والتجاوز" , والصورة الصوتية للكلمة والمفهوم ..
الرومانسية والبناء السردي :
لجأ الشاعر لأسلوب التجسيد كمدخل يخرج فيه الفكر العام والمجرد إلى صور محققة ومخصصة وذاتية المشاعر ومحسوسة وإخراجها عن طور المادي ليمنح القارئ فرصة تأويل التجربة الشعرية من خلال التآلف بين عناصر النص المختلفة والحبكة السردية , وقام بترتيب سرديته بحيث قسم القصيدة الواحدة لفقرات مرتبة بالترتيب الألفبائي ..
يلوذ الشاعر إلى الطبيعة هرباً من التشاؤم ويظهر ذلك في توظيفه للطبيعة لصياغة الصورة والمشهد المنسجمان مع الألفاظ والمفردات البسيطة المنتجة للموسيقى الداخلية العذبة مثل: الريح,الضوء,الغيم,العشب,الوعول, فراشات,الحمام, نخلات,السحاب,الغابة .. كذلك يتحدث من منطلق ديني ويظهر ذلك من الاقتباسات القرآنية والإشارات اللغوية من إنجيل متى , التي تركها مدخلاً يسلسل من خلالها الأحداث .. عكست الألفاظ برمزيتها رغبة الشاعر من الثورة على التقليدي , فكانت بعض هذه الألفاظ قد أكثر الشاعر من تكرارها لأنها تدل سيكولوجياً على مزاجه في الكتابة , وكأنه نظام معين له نفس البداية والنهاية من تلك العاطفة الحزينة العميقة مما يكسب النص الشعري إيقاعاً , وقد اعتمد أسلوب التشبيه المؤكد كما في :
هَكَذَا الشِّعْرُ:
ثِقْلُ فَرَاشَةٍ ،
لا أَثَر يُضَاهِي انْفِرَاطَه .
الإشارة اللغوية ومدلولاتها :
الاقتباسات القرآنية أشارت لقصص الأنبياء كما في الآية الكريمة "ادعُ لي ربك" , وكذلك الآية الكريمة " يا أسفي على يوسف" , الآية الكريمة الأولى نزلت بامرأة عقيم جاءت سيدنا موسى عليه السلام عدة مرات تطلب إليه أن يدعو الله سبحانه أن يرزقها الذرية وكان سيدنا موسى يكلم الله -عز وجل- وكانت الإجابة أنها عقيم ,فصبرت المرأة على ابتلائها وكانت تدعوه وتطلب الرحمة فوفاها رب العالمين رزقها حينما تقبل دعاءها , وفي المجموعة الشعرية هنا يناجي الشاعر والده أن يدعو له وسط كل الفوضى الحاصلة من تطور وتغيير في سلوكيات الإنسان وما ينتج عنه من التطبع بعادات دخيلة لا أصل لها من التراث :
لَمْ
يَأْتِ الذَّكَرُ مِنَ الأُنْثَى
وَلِمَ
كُلُّ هؤلاء النِّساء جِئْنَ تِبَاعاً
مِنْ شَهْوَةِ رِيحٍ فَادِحَةٍ .
في الآية الكريمة الثانية ومعنى الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى ابتلى سيدنا يعقوب بالعمى ست سنين , أما الشاعر بوسريف قصد التأسف على حال البشر اليوم: كلٌ يضمر الأذى والشر والأنانية ويتمرد على فطرة الخير .
ختم الشاعر بدعاء سيدنا زكريا " رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنِكَ ذرِّيَةً طَيِّبَةً " دلالة على الهداية وتغيير الحال وقلب موازين الظلم .
اعتمد الشاعر تقنية "اللوغس" في العلاقة بين الابن وأبيه متأثراً بصوفية ابن عربي وفكرة المقابلة والمغايرة والتقاطع الفكري وعدم التوقف عند تاريخ ماضٍ فانٍ وإنما صنع التاريخ بناءً على المعطيات التفاؤلية للقيام بقفزة أنطلوجية .
صلاح بوسريف في سطور:
شاعر مغربي , حاصل على شهادة الدكتوراة في اللغة العربية وآدابها , رئيس سابق لاتحاد كتاب المغرب فرع الدار البيضاء .
من أعماله الشعرية :
"فاكهة الليل" , "على إثر سماء" , "شجر النوم" , "نتوءات زرقاء" , "حامل المرآة" , "شهوات العاشق" , والمجموعة الشعرية الأخيرة "شرفة يتيمة" بجزأيها : خبز العائلة, حجر الفلاسفة الصادرة حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع الأردن .