هم الخاسرون


 

غريب هذا الغضب والتهديد المفاجئ من داعش وهي تعلن أنها ستقوم بقتل ابن الأردن معاذ والرهينة الياباني إذا لم يقم الأردن بالافراج عن الإرهابية ساجدة الريشاوي خلال ٢٤ ساعة، لأن ماهو مفروض أن هناك محاولات منذ أسابيع لإنقاذ معاذ وضمن الخيارات التبادل، والغريب أيضاً أن يأتي هذا التهديد وهناك جهد مواز من اليابان لإنقاذ الرهينة الياباني.

ربما يكون هذا التهديد المفاجئ تعبيرا عن مشكلة داخل التنظيم الذي يتعرض لانتكاسات في كوباني والعراق، ويريد أن يبحث عن نصر عبر إرغام الأردن على الإفراج عن ساجدة، فهل المطلوب أن يخرج الأردن ساجدة من السجن إلى الشارع خلال ساعات المهلة، وهل هذا مقابل تأجيل الإعدام أم الإفراج عن معاذ والرهينة الياباني !!

وربما علينا أن لا ننسى أن القتل لم يعد حالة مدهشة من داعش، وذلك الاهتمام العالمي بمشهد الرهائن والسيف فقد بريقه لأنهم يقتلون كل يوم، وحتى تعرضهم لابن الأردن معاذ بأي سوء لا قدر الله ورغم أنه غير مقبول منا جميعاً، إلا أنه بالنسبة لداعش فعل خاسر لأنه لم يتوفر لديهم كل يوم طيار رهينة، وإذا لم يتحول وجوده لديهم إلى مصدر منافع فإن التنظيم سيخسر أمام مناصريه في السجون الذين يطمعون أن يحصلوا على منفعة مباشرة، فالقتل كما أشرت تمارسه داعش كل يوم حتى بحق أعضاء التنظيم.

وتعلم داعش جيداً أن إلحاق الأذى بابن الأردن سيجعل من هذا التنظيم عدواً مباشراً لكل أردني، وسيتحول كل متعاطف أو حامل لهذا الفكر إلى هدف مباشر لنا جميعاً، فكلهم سيكونون مستباحين من الناس، وسيصبح حتى التعاطف العام مع هذا التنظيم جريمة وصاحبها مجرم بنظر الناس قبل القانون وسيكون للأردنيين ثأرٌ عند هذا التيار والفكر والتنظيم.

هم الخاسرون لو ذهبوا إلى ما يهددون، ومعاذ الذي تعمل الدولة لإرجاعه جنديٌ من جنود البلد، أما المراهقة والذهاب نحو أي فعل أرعن فحتى لو كان مؤلماً ولا نتمناه إلا أنهم هم الخاسرون.

مرةً أخرى فإن هذا التهديد المفاجئ جزء من عجز التنظيم عن إدارة هذا الملف فقد قتلوا قبل أيام الرهينة الأولى من اليابان ولم تتفكك اليابان لكن التنظيم لم يكسب شيئاً وهو يقتل صحفياً مثلما قتل قبل شهور صحفيين أجانب.

هم الخاسرون حتى لو ألحقوا بضحاياهم وأهلهم الحزن والأسى، ولن تحصل داعش كل يوم على رهائن مهمين لتحصل من ورائهم على مكاسب لكن ليس بهذه الطريقة والرعونة.

ما هو مؤكد أن الدولة حريصة جداً على أن يبقى سالماً معافى وأن يعود لأهله ووطنه لكن هذا يختلف عن أن نتحول إلى بقرة حلوب لعمليات إبتزاز متتالية من هذا التنظيم دون أن تكون نهاية الأمر الإفراج عن معاذ، فالفرق كبير بين شروط لإنهاء الملف وبين ابتزاز مع بقاء معاذ تحت الارتهان والخطف واحتمالات تعرضه للسوء لا قدر الله.