مثل خبز الشعير مأكول مذموم





ضغط الكثير من القراء وعتبهم المتواصل عن قراري الذي اتخذته مؤخرا بالتوقف عن الكتابة وعدم الإطلالة عليهم من خلال تلميح وتصريح بين الحين والآخر عبر مواقعنا الحبيه يجعلني اقول انه وبالرغم مما يدفع الكاتب و الصحفي من جهد والم وبحث وعقاب ومسائله وضياع جهد ووقت لايجد من يقول له سلامتك.. عندما يقع في احدى الحفرالتي يقف عليها الحاسد والحاقد والمتنفع والمتكسب يرصد كل هفوه دون مراعاة لظرف او زمن وهي كثيرة وللاسف بالمقابل تجد ان ثقافه الشكر في عالمنا العربي تنطفئ وتخبو من سلوكياتنا وأخلاقنا، فكلمة شكراً على أي عمل منجز وطموح هي كلمة ضنينة وشحيحة على لسان كثير من البشر، ويبدو أن للتكوين النفسي لكثير من الفاشلين ارتباطاً ذا بعد اجتماعي ونفسي بذلك

ما أقصده من مقدمتي أن أي عمل يُنجز وأي مشروع فيه كثير من العناء فإن أعين معظم الناس لا تقع على مواطن النجاح ودوائر الإنجاز بل على منطقة الضعف والعجز، فهو لا يرى في الصفحة البيضاء إلا النقطة السوداء. ومن حقه لكن عليه ان يتريث ويرى بام عينه ولادة المولود قبل ان يحكم عليه ذكرا ام انثى وهذه عملية تشبه عملية المخاض بشكل كبيروهل يخرج الجنين مشوهاً وبإعاقة، أو يخرج سليماً معا في وبعدها ليشكر الله . 

ومرحلة المخاض هي مرحلة دراماتيكية وشاقة في الوقت ذاته وفي السياق نفسه، فإنها تحتاج للكثير من الصبر والمعاناة ودرجة التحمل، لأن النجاح -وكما يذكر علماء الإدارة- المرتبط بالآخر هو من أصعب النجاحات، حيث إن النجاح المرتبط بالإنسان ذاته ممكن السيطرة عليه والتحكم في أبعاده، بينما النجاحات المرتبطة بالآخرين فإنها نجاحات مضنية وشاقة، فهذا تجامله، وهذا تحاول أن تقنعه، وهذا تحاول أن تحتويه، وآخر تحاول أن تستميله إليك، وخامس تستعطفه ليقف معك على صعيد ما.

والشاكرون في المجتمعات المتقدمة على الأعمال المنجزة والمشاريع الناجحة هم أناس لا يملكون بين جينات وطيات مشاعرهم أي عوامل سلبية تقاوم الشكر وتنقم منه.

أعود هنا لمسألة الشعير، فالمثل الشعبي يقول (مثل الشعير مأكول مذموم)، وكان الشعير في الماضي يمثل المادة الأساسية لكثير من الطبخات والوجبات الرئيسة في ذلك الوقت، فهو موجود على الأصناف والمأكولات كافة ويُعمل منه الخبز ويطحن ويُأكل ويستخرج منه كثير من الأصناف، ومع هذا فهو مذموم مدحور عند الجميع، بل إنهم يمثلون بالأشخاص غير الجيدين بالشعير فيقولون فلان كالشعير
او كاهل قريتي ينطلق منهم مثل بغاية الجمال، فإذا ذهب أحدهم لأمر ما ثم عاد يقولون له قمحه أو شعيره كناية عن النتيجة التي وصل إليها هل هي قمحة أمر جيد أم شعيرة، وهو الأمر الذي لا يريدونه
ما أقصده من مقدمتي أن أي عمل يُنجز وأي مشروع فيه كثير من العناء فإن أعين معظم الناس لا تقع على مواطن النجاح ودوائر الإنجاز بل على منطقة الضعف والعجز، فهو لا يرى في الصفحة البيضاء إلا النقطة السوداء. وكان لكاتب هذا المقال شرف الإشراف على الكثير من خطوات ومراحل الملتقى، وأنا هنا أيها القارئ العزيز لن أتحدث عن تفاصيل اللقاء وما دار فيه من جلسات ولقاءات جانبية، ولكني سأجنح إلى قراءة هادئة حول من يعيش داخل المطبخ لإعداد وإخراج وإنجاح هذا الملتقى حتى يُقام ويُختتم، وهذه عملية تشبه عملية المخاض بشكل كبير، فإما أن يخرج الجنين مشوهاً وبإعاقة، أو يخرج سليماً معافى.


إن الوقوف في مسافة معتدلة مع كل الأطراف العاملين معك في الفريق أو حتى الخارجين عن دائرة عمل الفريق هي مسألة في غاية الصعوبة، فإن تلعب في ميدان تطوعي تحتاج إلى كثير من الحكمة والدراية والتعامل بحكمة وحنكة وكثير من الصبر، فهي مسألة تحتاج إلى تحمل جمل.
والكاتب مثلي يقوم بعمل تطوعي ويدفع الثمن وحده محاكمات وتهم وغرامات واساءات ونقد وتجريح احيانا فالعمل التطوعي هو من أصعب الأعمال لأنه لا يقوم في الغالب على مبدأ الثواب والعقاب الذي سنته أساطير الإدارة وعلماء النفس، بل إنه يقوم على ثقافة الفزعة وحبل المروءة والمجاملة، وهذا من أصعب الميادين الذي يكر فيها القائد ويفر.
فهناك أناساً تريد أن تعطل مسيرة العمل وحركة التقدم وهمها ان تنقد لاجل النقد لامن اجل التطوير والتحديث وحمل قضايا وهموم الناس ومشاكلهم وهي كثيرة واصواتهم مبحوحة واةوصالهم ترتجف بردا وخوفا وافواه البعض فاغرة تنظر لقمه ننقلها عبر خط ساخن للمسؤول بهدف ايجاد الحلول . وكان هذا المبدأ هو ديدننا وحافزنا.

علما ان كل عمل وبالذات العمل الناجح يعتريه النقد والقيل والقال، فإذا أردت أن لا تُنتقد فعليك بالاسترخاء في بيتك. ومن نافلة القول وكما قال الرسول الاعظم قل خيرا او فاصمت
.