يوم انتصر فيه النواب للشعب
يوم برلماني مشهود انتصف فيه النواب للشعب، ووضعوا حدا للحكومة التي تجرأت مرارا على النواب ، وعلى حقوق الأردنيين، وقد أعادوها إلى حجمها الصحيح، وأبطلوا مفعول التذاكي على ممثلي الشعب، والذين استنزفتهم السياسات الحكومية حتى كادوا ليفقدوا آخر قواعدهم الانتخابية التي عانت من الخذلان. وفقدان الأمل. وحتى اللحظات الأخيرة في معركة الكهرباء، وقبيل التصويت بقليل والرئيس يصر على الرفع، ولا يتراجع قيد أنملة رغم معطيات المشهد البرلماني، وكانت الوقفة النيابية التي أوقفته عند حده. وربما لو نجح في مسعاه لكانت امتدت تطلعاته الى المياه، والخبز ، وبذلك ينقل الاثار الناجمة عن خلل الموازنات، وسوء السياسات، ونواتج الفساد المزمنة على كاهل المواطن الأردني الغلبان مبررا ذلك باشتراطات صندوق النقد الدولي، والمانحين الدوليين.
ولقد وقف النواب عند حدود مسؤولياتهم الدستورية، وذكروا رئيس الحكومة من خلال الصفعة التي وجهوها له بأن الحكومات تستمد شرعيتها من مجالس النواب، وعندما تتطاول على الشعب فهي تتطاول عليه باسم الثقة البرلمانية الممنوحة لها في أي مجلس. وانتصروا للشعب وحقه في العيش الكريم، وان تبتعد الحكومات عن محاولات تجريده من مقومات الحياة الكريمة.
ونحن حماة الشعب، ووكلائه المدافعين عن كرامته وحقه في العيش الكريم. وندين له بالفضل ان اختارنا لحمل أمانة وشرف تمثيله.
وقد سقط يوم أمس المنطق الحكومي المتهافت، وبطل سحر الرئيس الذي مارس من خلاله دور الرجل الاوحد، ونسي ان عملية الحكم مقسمة بين السلطات، وان هنالك لاعبين سياسيين آخرين في الدولة ولهم عقول يميزون بها ، وقد احرجهم أمام الناس بفذلكاته المتواصلة حتى ضاق به النواب ذرعاً. ولم يكونوا بقادرين على تمرير تصوراته السياسية على الناس فأي منطق حكومي هذا الذي يمكن أن نحتكم اليه ومفاده " أن أسعار المحرقات اذا ارتفعت ترفع الحكومة الكهرباء، وان أسعار المحروقات اذا انخفضت ترفع الحكومة الكهرباء".
والغريب أن من كان يتلو مواعظه على النواب بضرورة الرفع، وهو اليوم في موقع الرئيس ويخطأ الحكومات السابقة التي اتخذت نفس القرارات، وعادت عنها هو نفسه الذي عندما كان نائبا سبق وان عارض سياسات تلك الحكومات في الرفع على المواطنين، وقاد مذكرات حجب الثقة عنها، وقاطع الجلسات، وطالب بموقف برلماني حازم ينسجم مع توجهات الشارع. ودعا إلى عمل برلماني يحمي الشعب الأردني وان لا يكون البرلمان في واد والشعب الأردني في واد آخر.
وهو أيضا الذي سجل الإخفاقات الحكومة المتتالية في ملف التنمية واحرز النجاح غير المسبوق في الجباية، والسطو على جيوب المواطنين.
وسواء هل بلغ به الغضب أن يتمتم بقول السوء وهو يغادر القبة، او انه سيرجح خيار العقل ويتقبل مخرجات اللعبة الديموقراطية، ويلتزم بقواعدها، وينصاع للإرادة الشعبية المجسدة من خلال إرادة المجلس النيابي، وان يخفف من غلوائه ، ومن اعتداده بذاته. سواء احتكم للعقل، او اصر على جموحه فقد تصدى له المجلس بمقتضى مسؤولياته الدستورية واذا لم يعد قادرا على تحمل قواعد اللعبة الديموقراطية فيستطيع ان يغادر من تلقاء نفسه، ويجنب الشعب الاردني نواتج سياساته العقابية القاسية.